813      841
  • أين العدالة في الاختبار إذا كانت أعمار البشر متفاوتة؟
  • د.حسام الدين حامد
    متخصص في القضايا الفكرية
  • على فرض أن شخصًا عاش 20 عامًا في معصية لله تعالى ثم مات، ماذا سيكون مصيره؟ وإذا كان هناك شخص آخر عاش 20 عامًا في معصية ثم تاب وعاش 30 عاما ومات، ماذا سيكون مصيره؟ أين العدالة؟ أليس من المفترض أن يكون زمن الاختبار واحدا للجميع؟!

    الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ؛

    لا أعرف ماذا سيكون مصير هذا أو ذاك!
     
    لكن، الذي أعرفه أن الله سبحانه وتعالى حكيم عليم قدير سميع بصير قريب، لا يظلم الناس شيئًا، ولا يعزب عنه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، وسيحاسِب هذا وذاك ويقضي فيهم بقضائه العادل ويغفر لمن يشاء ويعفو، حتى ينصرف أحدهم إلى الجنة يغمره الفضل أو إلى النار يُلجمه العدل كما قال الحسن البصري: "دخل أهل النارِ النارَ وإنّ الله عَزَّ وَجَل لمحمودٌ في صدورهم، ما وجدوا على الله من حجة ولا سبيل!"

    ما ينبغي لابن آدم أن يُشغل قلبه وفكره بأحكامٍ أخروية لا يُشرِك الله سبحانه وتعالى فيها أحدا،

    ولو تركت لك الحكومة في رجلٍ عاش خمسَ دقائق عُرض عليه الإسلام فيها ثم تردد ثم همّ بالشهادة ثم مات قبل النطق، لَمَا عرفت كيف تحكم في هذه الدقائق الخمسة!
    فكيف بك تجرؤ أن تتحمل الحكم في سنين عددًا يتخللها آلاف الآلاف من أعمال القلوب والجوارح؟!

    كثيرٌ من هؤلاء ينادون دومًا بترك الحكم على الناس في الدنيا بزعم أنّ الأمور معقدة جدّا حد أن الحكم فيها عسيرٌ بل مستحيل، رغم أنّ الحكم يكون على فعلٍ ظاهر ولا يستلزم الحكم بغيًا أو ظلمًا، فما بال هؤلاء أنفسهم يُصرون على وضع هذه المعادلات ليتطوع أحدنا بالحكم الأخروي ثم يجد نفسه مطالبًا بالتسويغ وسرد المبررات!

    ليس من المفترض أن يكون الزمن واحدا لتتحقق العدالة! وأنا لا أعرف مصير هذا ولا ذاك! والله المَوْعِدُ (أي: فيُحاسِبُنا)!

    والله أعلم.