كنت ملحدة وأسلمت بفضل الله تعالى، أحاول التغير والالتزام، لكن تلك الأفكار والشكوك والشبهات الإلحادية تظل تدور في داخلي ولا تنتهى، حتى إن قرأت الردود واقتنعت بها، لا يتغير شيء، ولا تذهب عني تلك الأفكار وكأنها مسلطة علي غصبا وقهرا، أرَّقت حياتي وتعبت منها، فماذا أفعل؟
الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله، أمَّا بعد؛
عندما كنت في بداية عملي الجراحي، كان بعض الأساتذة عندنا من الجيل القديم المعادي للتجديد يرفض المناظير وكلما قابلني أعطاني محاضرة عن كون المناظير مثل الأتاري والبلايستيشن وأن الجراحة هي الفتح..
كنت أسمع منه، وفي نفس الوقت أرى أساتذة آخرين يعظمون من شأن المناظير، عندما بدأت أقرأ وجدت أن الكل يعظم من شأن المناظير، ولكني كلما قابلت الأستاذ المُعادي للمناظير وأسمع منه أجد في نفسي ضيقًا من اختيار طريق المناظير..
كان يصر على زرع بغض المناظير في نفسي لأنه كان يرى ولعي بالتقنيات الحديثة وكنت كثيرًا ما أقع في حيرة بسبب كلامه في بداية نيابتي الجراحية..
متى انتهت حيرتي؟؟ عندما انتقلت من مرحلة الاستماع والقراءة إلى الممارسة! عندها صار كلامه لا يشكل أدنى أهمية بالنسبة لي، وصارت الأمثلة التي يضربها لي مجرد سوء تطبيق لاستعمال المناظير أو سوء فهم منه هو ليس أكثر.
هذا هو الفرق بين الإقناع واليقين.. ممكن بالجدل والكلام والمناظرات والردود تقتنعي، لكن اليقين يحتاج شيئًا فوق الإقناع، أنت في حاجة ملحة لأن تجتهدي في العبادة، وسيساعدك على ذلك في بداية أمرك الصحبة الصالحة، استغلي هذه الأيام في الصلاة والدعاء والقيام وقراءة القرآن بقدر ما تستطيعين، الله سبحانه وتعالى كريم وإن طرقت بابه ستجدين عطاءً تخجلين بعده..
الله عَزَّ وَجَل شَرَّع العبادات ليربط على قلوب عباده، لو كان الدين مجرد عقائد في متونٍ تُحفظ لملت القلوب ولكثرت الوساوس، لكن القلوب في حاجة للتعاهد الدائم، وهذا من أهم ما يميز الأديان عن الفلسفات، وهذا من أهم ما يميز طريقة الوحي عن غيرها من الطرق..
تجدين الأوامر بالصلاة والزكاة والصدقة مبثوثة بين آيات الإيمان بالله تعالى ورسله -عليهم الصلاة والسلام- واليوم الآخر، دعك من تلك الأفكار التي تعرفين إجاباتها، أنت لست في حاجة لإجابات تعرفينها بالفعل..
كل القضية أن قلبك ظمآن لليقين لا الإقناع وأنت تكررين تقديم المشروب الخطأ!
والله أعلم.