هل هناك كرامات حقا لأولياء الله الصالحين؟ ، وهل هذه الكرامات للرجال فقط أم النساء، ولو كان ذلك حقا فهل رابعة العدوية منهم؟
كان يوجد في بلدتنا رجل يعتقد أهلها بأن له كرامات، مات وعملوا له مقام وهذا الرجل كنا نراه بأعيننا لايصلي ويفطر رمضان وعندما نكلم أحد منهم ونقول لهم أن ذلك حرام يهاجموننا ويحكون كراماته.
الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله، أمَّا بعد؛
أولياء الله تعالى قد يكونون من الرجال، وقد يكونون من النساء، وكل مؤمن تقي هو لله ولي، وكلما رسخ العبد في المعرفة والإيمان واليقين، وثبت على الصدق والاستقامة، باطنا وظاهرا، كلما ارتفع مقامه، كما قال الله عز وجل: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات...}.
والكرامات للأولياء حق، يكرم الله بها من شاء من عباده، ولزوم الاستقامة من أعظم الكرامات..
وخوارق العادات قد تقع لمن شاء الله من خلقه، لكنها قد تقع كرامة لولي، وقد تقع على وجه آخر لغير ولي، بل قد تكون استدراجا وفتنة، بل المسيح الدجال تقع له خوارق، ولا يقع شيء من ذلك إلا بإذن الله الواحد الأحد الصمد.
ولذلك: فوقوع الخوارق لأحد لا يكفي لاعتقاد ولايته، حتى نرى استقامته على الشرع الذي جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد أخرج البيهقي في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى، قال: قلت لمحمد بن إدريس الشافعي: قال صاحبنا الليث بن سعد: لو رأيتُ صاحب هوى يمشي على الماء ما قبلته. فقال الشافعي: أما إنه قصَّر، لو رأيتُه يمشي في الهواء ما قبلتُه.
ثم وقوع الكرامة للولي في حياته حقيقة = لا يبيح لأحد أن يبني على قبره بناء عاليا، ويدعو الناس لاتخاذ قبره مشهدا يقصده الناس للطواف والعكوف وطلب الحاجات، ونحو ذلك، بل يكون قبره كسائر القبور، يقصده الناس بالسلام والزيارة والدعاء له ونحو ذلك..
أما الغلو في ذلك واتخاذ القبور مساجد فهو تجديد لسنن اليهود والنصارى، وقد روى البخاري في الصحيح أنه لما نزل برسول الله -صلى الله عليه وسلم- طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك: (لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) يُحذِّر ما صنعوا.
أما بخصوص من كان لا يصلي، وكان يفطر في رمضان، ونحو ذلك، فهذه منكرات ظاهرة، والمسلم المكلف الذي يترك الصلاة والصيام بغير عذر فاسق، لكن إذا كان قد فقد عقله في حياته، ففي هذه الحالة يكون ممن رفع عنه القلم، لأن القلم مرفوع عن المجنون حتى يعقل.
أما حكاية الكرامات، ففي الناس من يبالغ في هذا، ويهوِّل، ثم إذا حاققته وجدته سمع من فلان، وفلان سمع من فلان، وفلان رأى في المنام، وفلان يبالغ، وفلان قد يكذب ويخترع، وهكذا..
وما كان من ذلك حق وصدق فيقال فيه ما مر من تفصيل، فنحب أولياء الله ونواليهم، ونبغض أعداءه ونعاديهم، ونؤمن بالكرامات، لكن لا يحق لأحد أن يستغفلنا ويخدعنا بأساطير وأكاذيب وحكايات مصنوعة، وحتى الرؤى المنامية لا تؤخذ منها أحكام شرعية.
أما رابعة العدوية -رضي الله عنها-، فهي من أهل القرن الثاني الهجري، ترجم لها الذهبي وغيره، قال الذهبي عنها: رابعة العدوية، البصرية، الزاهدة، العابدة، الخاشعة، أم عمرو رابعة بنت إسماعيل.
وقال خالد بن خداش: سمعَتْ رابعةُ صالحا المري يَذكُر الدنيا في قصصه، فنادته: يا صالح، مَن أَحب شيئا أكثرَ مِن ذكره.