قل كلّ من عند الله، فالدّواء نفسه حينئذ سيكون : جندًا من جنود الله؛ ويكون قد ارتفع جند الوباء وحلّ محلّه جند الدّواء، ولا إشكال في هذا ففي الحديث: "يتعاقبون فيكم ملائكة" أي يعوّض بعضهم البعض، وفي الحديث الآخر: "ما أنزل داء إلّا أنزل معه شفاء".
وهذا البحث إنّما يُفهم بالرّجوع إلى معنى "الجند" هنا أصلا؛ إذ القصد بالجند : المخلوق الّذي يسخّره الله تعالى لتنفيذ أقداره وأحكامه الكونيّة الّتي لا رادّ لها، فوصفه بالجند هو:
1/ لمعنى التّسخير كما قال تعالى: (وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ) !
وهذا هو : معنى قول عمر لمّا قال له أبو عبيدة رضي الله عنهما: أأفر من قدر الله؟ فقال عمر: "نعم نَفِرُّ من قَدَرِ الله إلى قَدَرِ الله" !
2/ ولمعنى الخلق؛ أي كونه مخلوقًا؛ فوجه كون الدّواء = جند من جنوده تعالى أيضًا أنّه هو سبحانه من يهدي العقول لاكتشاف الأدوية وغيرها، وهو الّذي يجعل لأصحابها القدرة على ذلك، والعقول نفسها وأصحابها والموادّ الأوّليّة كلّها = من خلق الله؛ وإلّا فقد قال تعالى في الحديث القدسيّ: "فليخلقوا ذرّة أو فليخلقوا شعيرة" ! ، وفي التّنزيل قوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون) !