· حكمه:
مختلف فيه، وهو مشروعٌ بإجماعِ العلماءِ.
وما زالَ العلماءُ يفتون بمشروعيَّتِه، فبعضهم يقولُ: إنه واجب كالشافعيِّ، وبعضهم يقولُ: إنه مستحبٌّ، وهو قول أكثر العلماءِ، وبعضهم يقول: هو مكرمة، ولم يُنْقَل عن عالمٍ واحدٍ من علماء الإسلام أنه قالَ: (إنه حرام، أو مُجَرَّم).
· أدلة مشروعيته:
تظاهرت أدلَّة الشريعة على أنه مشروعٌ:
1- فقد أخرجَ البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحهما من حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: الفطرةُ خمسٌ: الختانُ والاستحدادُ وقصُّ الشارب وتقليمُ الأظفَار ونتفُ الآبَاطِ.
ولم يفرِّق النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين الرجال والنساءِ، والقاعدة: استواءُ الرجال والنساءِ في الأحكام ما لم يدلّ دليلٌ على التفريق؛ إذ النساءُ شقائق الرجالِ.
2- وكذلك أخرجَ ابنُ حبانَ في صحيحِه من حديث عائشة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (إذا التقى الختانان فقد وجبَ الغُسْلُ).
أي: إذا تحاذى ختانُ الرجلِ وختانُ المرأة فقد وجبَ عليهما الغسلُ، ففي هذا دليلٌ على أنَّ النساءَ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كنَّ يختتن، وقد أقرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك.
قال الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - : (في هذَا بيانٌ أنَّ النساءَ كُنَّ يختتنَّ).
أما حديثُ أمِّ عطية أنَّ النبييَّ صلى الله عليه وسلم قال لها: (إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي؛ فإنه أسرَى للوجه وأحظى عند الزوج) = فحديثٌ ضعفه أهل العلم وإن صححه بعضُ أفاضل المعاصرين.
والأدلة السابقة تكفي في المشروعيَّة.
· المقصود بالختان في الشرع:
إزالة شيء قليل يقلل غلمة المرأة بدرجة يسيرة.
وهو إزالة القلفة وغطاء البظر Prepuce and clitoral hood، وهو الذي في تصنيف منظمة الصحة العالمية لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية -وهو الاسم المرادف للختان عندهم- يأخذ أقل الدرجات في التصنيف Type Ia.
أما الختان الذي فيه إزالة البظر كله أو معظمه = فحرام.
فبقية الدرجات في التصنيف التي منها إزالة البظر كاملا Type Ib، أو إزالة البظر والأشفار الصغرى والكبرى Type II، أو تضييق فتحة المهبل وتغطيتها بالأشفار Type III، أو غير ذلك Type IV، هذه الدرجات كلها ليست في مقصود الختان الشرعي وهي من الممارسات الخاطئة المحرمة.
· هل لختان المرأة أضرار أو فوائد؟
كتب د.حسام الدين حامد:
أما الأضرار فهي وفقا لمنظمة الصحة تكون أشد مع الدرجة الثالثة وهي تضييق المهبل وتتمثل في أن هذا التضييق قد يمثل عائقًا أمام التبول أو الجماع أو الحيض أو الولادة، وعموما فهذه الممارسة وهي ممارسة التضييق نادرة في العالم العربي، بقية الأضرار المذكورة بعضها يتعلق بعملية الختان نفسها كالنزيف والعدوى وما شابه فلو مرت بسلام فلا داعي للقلق، وبقية الأضرار لا تمثل خطورة كبيرة وأمرها هين إن شاء الله.
هناك نقطة بالنسبة للأضرار خصوصا المتعلقة بالرغبة الجنسية لا سيما مع الختان درجة Ia ، وهي أن الموضوع دخله الدوجمائية وكثيرٌ مما يكتب بخصوصه يدخله التهويل أو لا يسمح بأي تهوين من شأن الموضوع أو المسامحة فيه Zero tolerance، وطرائق البحث في هذه النقطة لا يمكن ضبطها كدراسة عشوائية مثلًا تقارن مجموعتين إحداهما مختونة ختانا يسيرا والأخرى غير مختونة وتقارن الشهوة الجنسية، فلا داعي لأن تظن من ختنت أنها ستواجه مشكلة في حياتها الزوجية، ولا داعي لأن يسأل أحدهم خطيبته عن كونها مختونة أم لا فهو سؤال ينم عن قلة ذوق وعقل وفقه، ولا داعي لتصديق أن فلانا طلق امرأته بسبب موضوع الختان لأنه لا سبيل لمعرفة سبب الطلاق ولا سبيل لمعرفة علاقة الختان بالبرود الجنسي أصلا.. وكل هذه الأسئلة وردتني.
أما الفوائد الطبية فكما قلت إن الأمر دخلته الدوغمائية من الطرفين ومن الصعب الاعتماد على نتائج بحثية للحكم بأن للموضوع فوائد، فهناك من يقول إنه يحسن العلاقة الجنسية وإنه تجميل وليس تشويها، ولكنه لا يستطيع نشر ذلك في مجلة علمية محكمة، وفي حالات معينة قيل إن الختان يقلل من الشهوة الزائدة بصورة زائدة في الإناث لكن حتى هذه الحالات صار الاتجاه عموما لعلاجها دوائيا أو بالعلاج السلوكي.
· ما هي نصيحتنا عمومًا؟
عرض البنت على طبيبةٍ مسلمةٍ ديِّنة ثقة، تفهم معنى الختان المقصود في الشرع، ثمَّ تُحدِّدُ هل البنتُ تحتاجُ إلى ختانٍ أو لا.
وهنا تنبيه من د.حسام الدين يُوضع في الاعتبار، قال: سوء الممارسة والجهل المنتشر وعدم الاهتمام بتعقيم الآلات، كل هذا يجب أن يوضع في الحسبان حال النظر في المسألة، ومن يرد الأمر لنظر الطبيب من أهل الفتوى فليعلم أن نظر الطبيب ليس له مستند في الطب الموضوع بين أيدينا والمبني على الدليل Evidence based medicine فهو سيقول بالختان أو عدمه بناء على انطباع شخصي لا قيمة له في الحقيقة، فرد الموضوع لنظر الطبيب تحصيل حاصل ولا يضيف جديدا، ورأيي الشخصي أن من يرى أن الأمر على الإباحة أو الاستحباب في ظل انتشار الجهل وضعف التعقيم وممارسات "بير السلم" فترك ذلك أولى، ومن يرى الوجوب فليذهب لطبيب يعرف المقصود بالختان الشرعي يمارس عمله بمراعاة المعايير الصحية.
والله الموفق.
للاطلاع: فتوى الإمام الأكبر شيخ الأزهر
الشيخ جاد الحق علي جاد الحق - رحمه الله -
مفتي الديار المصرية 1978، وشيخ الأزهر 1982.
رابط المادة: http://iswy.co/e3qt6