القَزَع هو قِطَع السحاب المتفرقة، ويقال لحلق بعض الرأس وترك بعضه قَزَع لأن شعر الرأس حينئذ يشبه تلك السحب المتفرقة المتناثرة، وهو شذوذ في المنظر مستَنكَر في الفِطَر السليمة والنفوس المستقيمة، إذ هو ضربٌ من الترقيع والتشويه لشعر الرأس، لذلك ورد النهي عنه في السنة النبوية، لأن الإنسان السويَّ إما أن يحلق رأسه كله وإما أن يتركه كله، أما أن تجده محلوق الرأس كله ثم هو قد ترك موضعا أو مواضع من الرأس قد أطال فيها الشعر وربما صنع منه ضفائر أو رسوما أو عرف ديك ونحو ذلك، فهذا صنيع غير سوِيٍّ، وفيه من التشويه ما لا يخفى، ولذلك ورد النهي عنه، والنهي فيه للكراهة التنزيهية لا للتحريم.
أما التفاوت في تقصير الشعر عند الحلق وتقصيره في بعض المواضع بدرجة أكبر قليلا من مواضع أخرى على نحو ليس فيه شذوذ ولا تشويه فهذا لا يدخل في القزع المنهي عنه إن شاء الله، إذ لا يلزم أن يكون طول الشعر كله واحدا في كل المواضع، لكن المبالغة في تقصير بعض المواضع إلى ما هو قريب من الحلق التام وترك مواضع أخرى طويلة على نحو يشبه القزع في الشذوذ والتشويه للمنظر أو يقاربه لا ينبغي أن يحصل.
وهذا كله في تقصير بريء لبعض المواضع بغرض تنسيق الشعر وترتيبه وتزيينه، استحسانا لهيئة معينة ونحو ذلك، أما أن يَرى المُسلمُ حلقة لبعض نجوم الكرة أو الفن أو غيرهم ممن ليس أهلا ومحلا للقدوة به في أحواله فيقلده ويحاول أن يكون نسخة منه في هيئته ولباسه وحلقة شعره وغير ذلك مِن أحواله، فهذا لون مِن الضعف النفسي، والانهزام الخُلُقي، وضرب من الخلل في التمييز والاختيار لمَن يُقتَدى به وما يُقتدى به فيه، وفاعلُ هذا حينئذ بحاجة إلى مداواةٍ لعقله وتفكيره وعلاجٍ لنفسه الضعيفة التي أفضت به إلى هذا اللون من التقليد قَبْلَ مُداواةِ شَعر رأسِه.