ربنا يتمم لكم بخير.
لدينا ثلاثة مستويات للتزين الذي يمكن شرعًا أن يمارسه الرجل:
المستوى الأول، هو المستوى الضروري الذي نصت عليه الشريعة من التزين والنظافة، فقد قال رجل: يا رسول الله، إني ليعجبني أن يكون ثوبي غسيلا، ورأسي دهينا، وشراك نعلي جديدا، وذكر أشياء، حتى ذكر علاقة سوطه، أفمن الكبر ذاك يا رسول الله؟ قال: " لا، ذاك الجمال، إن الله جميل يحب الجمال"
.
قال القرطبي في التفسير: ((قال ابن عباس: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي.
أي زينة من غير مأثم.
وزينة الرجال فعلى تفاوت أحوالهم، فإنهم يعملون على ما يليق، فربما كانت زينة تليق في وقت ولا تليق في وقت، وزينة تليق بالشباب، وزينة تليق بالشيوخ ولا تليق بالشباب [الشاب هنا من لم تنبت له لحية]، ألا ترى أن الشيخ والكهل إذا حف شاربه ليق به ذلك وزانه، والشاب إذا فعل ذلك سمج ومقت. لأن اللحية لم توفر بعد، فإذا حف شاربه في أول ما خرج وجهه سمج، وإذا وفرت لحيته وحف شاربه زانه ذلك. ليكون عند امرأته في زينة تسرها ويعفها عن غيره من الرجال.
وكذلك الكحل من الرجال منهم من يليق به ومنهم من لا يليق به.
فأما الطيب والسواك والخلال والرمي بالدرن وفضول الشعر والتطهير وقلم الأظفار فهو بين موافق للجميع.
والخضاب للشيوخ والخاتم للجميع من الشباب والشيوخ زينة، وهو حلي الرجال.
ثم عليه أن يتوخى أوقات حاجتها إلى الرجل فيعفها ويغنيها عن التطلع إلى غيره.
وإن رأى الرجل من نفسه عجزا عن إقامة حقها في مضجعها أخذ من الأدوية التي تزيد في باهه وتقوي شهوته حتى يعفها)).
ومن تفاصيل تلك الزينة:
(1) الاغتسال الأسبوعي، كل يوم جمعة.
(2) الاغتسال لرفع الحدث الأكبر مثل الاحتلام والجماع.
(3) الوضوء، يستحب لكل صلاة، وطبعًا لو وضوءك لم ينتقض فممكن تصلي أكثر من صلاة بوضوء واحد.
(4) سنن الفطرة المتعلقة بالشارب والأظافر والعانة والتي نص عليها رسول الله، قال النووي: ((والمراد بالعانة: الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذلك الشعر الذي حول فرج المرأة، ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر، فيحصل من مجموع هذا: استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما، وأما وقت حلقه فالمختار أنه يضبط بالحاجة وطوله، فإذا طال حلق، وكذلك الضبط في قص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر)).
(5) بناء على كده: كل أربعين يوم على الأكثر تعمل سنن الفطرة وهي: قص الأظافر، وقص الشارب (حلقه بالكلية مش حرام لكنه ليس الأفضل)، وإزالة شعر الإبط، وإزالة شعر العانة، ويدخل في شعر العانة الذي يُزال= شعر الدبر قدر استطاعتك، وسيبك من الخرافات الشعبية حوالين الموضوع ده، طبعًا لو انت زي حالاتي ومعدل نمو الشعر والأظافر عندك عالي يستحسن المدة تقل.
(6) بالنسبة لشعر الجسم فالشريعة تتركه لتفضيلات الناس فلا يحرم بالإجماع أن يحلق الرجل شعر جسمه من تحت الرأس، وبرضه سيبك من كل الخرافات الشعبية في الموضوع ده، وموضوع مدح الرجل المشعر وذم المرأة المشعرة هو كذب لا يوجد في الشرع.
(7) أخذ الرجل من حاجبه القليل أو حلقه للمنطقة بين الحاجبين لا حرج فيه خاصة إن كانت تقبح وجهه، ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻣﻔﻠﺢ ﻓﻲ " ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ ( 1/130 ) :(( ﻭﺃﺧﺬ ﺃﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺒﻴﻪ ﻭﻋﺎﺭضيه)).
(8) تنظيف الأسنان بالسواك، يستحب عند كل وضوء وعند القيام من النوم، وفرشاة الأسنان تقوم بنفس المهمة لكن مش سهل ولا صح إنك تستعملها في كل صلاة، فرجعوا سنة السواك يا جماعة.
(9) الاستعمال المنتظم للعطور.
(10) العناية بالثياب ونظافتها.
(11) العناية بالشعر بالتمشيط والادهان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان له شعر فليكرمه" [ رواه أبو داوود].
والإكرام يكون بالتمشيط واستعمال الدهان، لكن لا تزد في الادّهان (استعمال الكريمات) عن مرة في اليوم (افتكر ده لما نيجي عند التنبيه اللي في الآخر).
(12) فيه حاجات ثابتة في الشريعة لكن عادة الناس بتتجنبها عشان مش متعارف عليها، مثل إطالة الشعر، قال أبو شامة: وقد دلت صحاح الأخبار على أن شعره إلى أنصاف أذنيه ، وفي رواية يبلغ شحمة أذنيه ، وفي أخرى بين أذنيه وعاتقه ، وفي أخرى يضرب منكبيه، ولم يبلغنا في طوله أكثر من ذلك وتضفيره، وكان رسول الله إذا سافر أو انشغل عن الاعتناء بشعره جعله ضفائر، وفي الحديث: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ " .
والغدائر: الضفائر ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ((ما دل عليه الحديث من كون شعره صلى الله عليه وسلم كان إلى قرب منكبيه كان غالب أحواله ، وكان ربما طال حتى يصير ذؤابة ، ويتخذ منه عقائص وضفائر ، وهذا محمول على الحال التي يبعد عهده بتعهد شعره فيها، وهي حالة الشغل بالسفر ونحوه)).
(15) وكذلك الكحل ففي حديث ابن عباس: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له مكحلة يكتحل بها كل ليلة ثلاثة في هذه وثلاثة في هذه)).
(16) ومن زينة الرجل الخاتم، والصواب أن الدبلة من الخاتم ولا دليل على منعها، والذهب والحرير حرام على الرجال.
(17) ويحل للرجل أن يخضب شعره، وفي جواز الخضاب بالسواد خلاف، والراجح جوازه وقد ذكر ابن القيم صحة فعله عن عدد من الصحابة.
المستوى الثاني، وهو ما نزيده على ما ذكرته الشريعة وهو في الحقيقة تطبيق لما ذكرته الشريعة على مساحات تانية.
(1) طالما بتنزل شغلك أول ما ترجع اغتسل، المرة دي كفاية غالبًا عشان تخليك في البيت نظيف، والناس بتغتسل لما بتصحى من النوم عشان ده بيفوق أكتر وكمان الناس اللي عندها زيادة في التعرق والرائحة تعمل كده.
(2) بلاش نظام الفانلة الحمالات في البيت عشان خاطري، فيه لبس كتير نظيف وشيك يتلبس في البيت، في الصيف ممكن تلبس شورتات وتيشيرتات شيك زي لبس الناس على البحر كده، والشتا برضه بلاش موضوع الكلاسن ده الله يسترك، ترنجات وبيجامات بيت نظيفة كده، وده عشان نفسك وعشان زوجتك وعشان ولادك لأن ولادك هيقلدوك في كل حاجة.
(3) أنا فاهم إن ممكن فيه ظروف برد بتخلينا نلبس حاجات غريبة، لكن لو راعيت نظر زوجتك لك فسيحق لك أن تطلب منها مراعاتك.
(4) الوضوء هيقوم بمهمة نظافة أنفك، بس خلي بالك برضه ولو فيه حاجة جدت خلال اليوم، نظف ودانك مرة في الأسبوع مع غسل يوم الجمعة مثلا.
(5) تفادى ظهور رائحة عرقك على نحو مؤذي سواء بالتنظيف المنتظم أو بالمواد التي تستعمل لأجل هذا.
(6) مراجعة رائحة فمك لو كان أذاها لسبب طبي يمكن مداواته، وكنت تراعي نظافة أسنانك خاصة بعد الطعام.
المستوى الثالث، مستوى تطرفي مهم هنا أن نوضحه لنحذر منه:
المبالغة في التزين مثل كثرة التمشيط وكثرة دهن الشعر، أو العناية المنتظمة بالحاجب حتى وإن لم يقبح شكله، وكذلك صرف الوقت لحلق الجسد وزيوته ودهونه..
وكما ترى فأصل هذه الأشياء كلها مباح، لكنها هنا تتحول لنمط مقصود كغاية وليس وسيلة خادمة= فحينها هذا النمط يكره للرجال ويصل للحرمة أيضًا، ولذلك نبه القرطبي على مراعاة ما يليق بالسن والمقام.
والتفرقة بين فعلها عند الحاجة وبين فعلها كنمط للحياة ليس له ضابط رياضي لكن يجده الرجل من نفسه وانشغال ذهنه، فإن كان لدينا من لا يعتنون بنظافتهم وزينتهم فلدينا في المقابل من يتعلقون بهذا على حالة تشبه حالة النساء، وهذا في النساء كمال لكنه في الرجال نقص، وإذا كان لدينا في الخرافات الشعبية من يصد عن التنظف والتزين يحسب ذلك رجولة فلدينا أيضًا من يتطرف في التزين حتى تفارق حاله حال الرجولة.
وعلى هذا يمكنك أن تتصور كيف أن الشريعة تأمر بإكرام الشعر، وتقول: إن الله جميل يحب الجمال، لكنها في الوقت نفسه نهت عن كثرة تمشيط الشعر وذكرت أن "البذاذة من الإيمان" [ حديث رواه أبو داوود وابن ماجة ].
والبذاذة: (بساطة الثوب مع نظافته).
قال ابن القيم: ((العبد مأمور بإكرام شعره، منهي عن المبالغة والزيادة في الرفاهية والتنعيم، فيكرم شعره، ولا يتخذ الرفاهية والتنعيم ديدنه، بل يترجل غبًا )). [غبا: أي من حين لآخر]
في التصور الإسلامي للرجل: الرجل ممكن يطول شعره ويحط كحل ويستعمل العطر، ده ممكن يتعمل بطريقة روتين ثابت يحافظ على جوهر الرجولة ويظل في الهامش من الممارسة الحياتية، وممكن يتعمل بطريقة فيها تعلق وانشغال على طريقة: هات العطر يا ولد بتاعت فيلم عنتر بن شداد.