783      538
  • هل كان النبي ﷺ يصلي ويسلم على نفسه في التشهد بنفس الصيغة التي نصلي بها أم بصيغة أخرى؟
  • عمرو بسيوني
    عمرو بسيوني
    باحث شرعي في مبرة الآل والأصحاب
  • هل كان النبي ﷺ عند قول التشهد أثناء الصلاة يصلي على نفسه بنفس الصيغة التي نقولها، أم أنه ﷺ كان يقوله بصيغة أخرى؟
     
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
     
    نعم كان يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم.
     
    والدعاء للنفس ليس بممنوع أصالة، والدعاء للنفس بصيغة الغائب جائز له نظائر في الوحي، وفي الكلام الفصيح، كما تقول: اللهم اغفر لعبدك فلان، وتريد نفسك.
     
    وكذا الشهادة لنفسه بالنبوة، فهذا غير مشكل، فإن الإيمان به واجب، وهو أول مخاطب به عليه الصلاة والسلام، وإيماننا به فرع على ثبوته في نفسه أولا، وفرع على إيمانه صلى الله عليه وسلم بنبوته، إذ هو سبيلنا لمعرفة ذلك فلولاه ما عرفنا نبوته.
     
    والآيات الدالة على عظم وجوب إيمان النبي بنبوته كثيرة ودالة على تحققه، كقول الله سبحانه وتعالى: {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك} ، وقوله تعالى: {الحق من ربك فلا تكونن من الممترين} . قال ابن عباس: لم يشك ولم يسأل.
     
    وبعد النبوة الشهادة، فالشهادة للنفس بحقها جائز، ثم هو يجب إن توقف ترتب الحق عليها، وترتب اتباعه عليه السلام على شهادته بنبوته أمر واجب، فلولا جهره بالنبوة وشهادته على نفسه بها ما اتبعناه، وقد أمر بتلك الشهادة: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا} ، وقد شهد الله لنفسه بالوحدانية: {شهد الله أنه لا إله إلا هو} ، وذلك معنى اسمه المؤمن عند بعض العلماء..
    وهذا من معنى قول الله تعالى: {وأنا أول المسلمين}. فهو سبقه للإيمان بالله تعالى، وبالنبوة.
     
    والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر إلهي وتكليف وتشريف، فيشرع للنبي -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي على نفسه امتثالا للتكليف وتشرفا بالتشريف، كما أن دعاءه عليه الصلاة والسلام بذلك يكون متعديا ليس بلازم، فإن الصلاة عليه برحمته وتزكيته وحلول الرضوان والرحمات عليه يكون معها نزول الوحي عليه، الذي فيه النفع للمؤمنين، كما قال الله سبحانه وتعالى: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور}.
     
    ومن تمام الصلاة عليه ورحمته ألا يفجعه في أمته، فيبيحهم شفاعته، ويحل عليهم رحمته يوم القيامة، ابتداء وانتهاء، وقد فسر بذلك قول الله سبحانه وتعالى: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} ، حتى قال بعض العلماء إنها أرجى آية في كتاب الله.
     
    فالحاصل أن الصلاة عليه ﷺ نفعها لازم ومتعد، سواء أكان منه، أو من أمته له صلى الله عليه وسلم.
     
    والله أعلم.