كان من دعائه الشريف صلى الله عليه وسلم = الاستعاذة من الكسل..
"الكسل"! تلك المفردة المُقْعَدة! وهو معنًى يمتد ليشمل شأن الجسد والقلب والروح والضمير.
فقد يكسل القلب عن الطهارة، ويقعد عن العفو، ويتثاقل عن التدبر والتحليق فى فلك السمو..
وتكسل الروح عن تلقى النور، والخلوص من أثقال الطين شهوةً محرمةً، وحقدًا خانقًا، ورضًا بالسِّفال قولا وفعلًا وسلوكًا!
فإذا لهج لسانك بالاستعاذة من الكسل، فانثر بين يديك تلك المعانى وأخواتها؛ فإن مدد الرب الكريم لا ينتهى أبدا.
فالكسل خُلقٌ يتجاوز الجسد، ويلحق العقلَ والقلبَ والنفسَ، فترى صاحبه راضيًا بالدون معطَّلًا عن معالى الأخلاق، وقد وُفِّقَ إلى الخير من طالع قلبُه هذه المعانى عند استعاذته من الكسل.
وإنما يصيب الكسلُ قلبَ صاحبه فلا ينهض به إلى الملأ الأعلى=لأنه لم يلامس نور الوحى، وفاته وِرده من معين القرآن، فهو أبدًا ظامئٌ مُتعبٌ مهموم.
فإذا سُقِى خفَّ إلى الطاعة ونهض بصاحبه، وصار مأوى لكل خلقٍ رفيع، وتم له ذلك الاستغناء السماوى الذى لا يدع موضعًا تستقر فيه أثقال التراب!