637      625
  • صرت أترك الفرائض ولا أشعر بالذنب وأتساهل جدا، فما الحل؟
  • محمود مداد
    محمود مداد
    باحث شرعي ومفتي.. موقع الشبكة الإسلامية
  • كنت سابقا أخاف جدًّا من الله وأخاف أقل خطأ، حاليا صرت لا أواظب على الصلاة، وإن صليت فبغير خشوع، لا أدري السبب ولا أشعر بالذنب إذا ضيعت فرضا وصرت متساهلة، فما الحل؟
    قسوة القلب داء عضال، وهو ناشئ عن الغفلة عن ذكر الله تعالى واتباع الهوى، قال الله معاتبا أصحاب نبيه صلوات الله عليه: "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون".
     
    ثم قال: "اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها"؛ إشارة إلى أن من يحيي الأرض بعد موتها قادر على أن يلين القلوب من قساوتها ويحييها من موتتها ويفيقها من غفلتها.
     
    فعليك إذا شعرت بالداء بالأخذ بأسباب التعافي أخذا حقيقيا، وأول ذلك بالاستعانة بمقلب القلوب فإن القلوب بين إصبعين من أصابعه سبحانه يقلبها كيف يشاء، وتذكري الموت دائما فإنه ما ذكر في ضيق إلا وسعها ولا في سعة إلا ضيقها..
     
    وقد والله فضح الموت الدنيا كما قال الحسن رحمه الله، عودي المرضى وامسحي رأس اليتيم وتذكري حال أهل البلاء ثم احمدي الله على العافية ولا تجعلي شكر نعمة الله عليك تماديا في المعصية واستمرارا في الغفلة.
     
    واصحبي الصالحين الرقيقة قلوبهم، فإن لم تجديهم في الواقع ففي بطون الكتب، أدمني قراءة سير السلف الطيب والاطلاع على ما كانوا عليه من الخشية والخشوع والإخبات والإنابة إلى الله، وسيدهم ومقدمهم سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم الذي هو أخشى الخلق لله، أكثري من مطالعة كلامه الشريف صلوات الله عليه بالنظر في رياض الصالحين.
     
    وأدمني قراءة القرآن بتدبر وتعقل وتفهم، واستحضري الآخرة وأهوالها والنار وأحوالها واحذري أن يصيبك عذاب الله فليس أحد بمنجى ولا بمأمن من ذلك إلا أن يتغمدنا الله برحمته، ابتعدي عن كل أسباب الغفلة وموجباتها، ومن أكبر ذلك الإكباب على الشهوات والأخذ من فضول المباحات فضلا عن المحرمات نظرا وسماعا وهلم جرا، أحيي قلبك بالإيمان والذكر ومراقبة الله والفكرة في أسمائه وصفاته واستحضار أنه شديد العقاب وأنه إذا غضب لم يقم لغضبه شيء وأنه يغضب يوم القيامة غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، واستمطري رحمته جل اسمه وسليه من واسع فضله وحسني ظنك به عالمة أنه لا منجى ولا ملجأ منه إلا إليه.
     
    استحضري خطر ترك الصلاة وأنه من الموبقات، وألزمي نفسك الفرائض إلزاما لا تخلين به ثم خذي من النوافل بقدر ما تطيقين وزيدي في ذلك شيئا فشيئا، والمهدي من هداه الله والموفق من وفقه الله فالزمي قرع بابه فمن أدمن طرق الباب ولج، نسأل الله أن يرزقنا وإياك قلوبا خاشعة وصدورا بالإيمان منشرحة.