أنا لا أجد في نفسي خوف من الله ولا أستطيع الخشوع في العبادات حتي أني أخاف نظره الناس لما أعمل معصية، فانصحني ماذا أفعل؟
الخوف من الله يبعثه في نفسك أمور، فمنها استحضار صفات الرب تعالى ونعوت جلاله وعظمته جل اسمه، فتستحضر أنه شديد العقاب وأنه العزيز ذو الانتقام وأنه إذا غضب لم تقم لغضبه السماوات والأرض.
ومنها تدبر ما في القرآن والسنة من الوعيد للمخالفين وما أعد الله للعاصين المعرضين فتحذر أن يشملك شيء من هذا الوعيد، وإذا كنت لا تطيق أن تضع إصبعك على موقد مشتعل فكيف تطيق النار وقد وصفت بما وصفت به، فإن حرها شديد وقعرها بعيد ومقامعها حديد، فاستحضرها وسل النجاة والسلامة منها، وفي الحديث: "لم أر مثل النار نام هاربها".
ومنها، استحضار وقائع الأمم الخالية ومصارع الماضين ومصائر المكذبين المخالفين وما فعل الله بهم من المثلات بسبب عصيانهم وتكذيبهم، وقد توعد أمثالهم بأمثالها.
ولمعرفة شيء من آثار الذنوب والمعاصي وأضرارها على العبد في دنياه قبل أخراه راجع لزاما (الداء والدواء) لابن القيم رحمه الله.
ومنها مجالسة الخائفين والتقاط أطايب مواعظهم والتأسي بأحوالهم، فإن لم تظفر بهم في هذه الدنيا فاستخبر عنهم بطون الكتب وتعرف سيرهم وتراجمهم وأخبارهم، وسيدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أصحابه من بعده وقد كانوا مع ما أوتوه من الفضل العظيم أخوف الناس لله وأشدهم خشية له سبحانه، ثم سار على آثارهم من تأسى بهم ممن عرف جلال الله وعظمته، والآثار عنهم في هذا المعنى كثيرة جدا، قال الحسن وقد عوتب على كثرة بكائه: أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي، لعله اطلع مني على ذنب فقال اذهب لا قبلت منك عملا.
ومنها لزوم الذكر والدعاء وسؤال الله أن يلين قلبك فيه ويرزقك خشيته سبحانه فإن الهدى هدى الله، نسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن يخشاه حق خشيته ولا يخشى أحدا سواه.