أنا بنتٌ لي ماضٍ لا أقدر أن أغفره لنفسي أبدًا، أتذكر ذنبي كلّ يوم، كنتُ في قمة الاستقامة ثم صرت إلى حضيض، كيف أسامح نفسي؟ قررت ألا أتزوج لئلا يتورط من لا ذنب له مع شخص مثلي.. أتابعكم من قديمٍ منذ كنتُ نظيفة.
ومن منا ليس له ماض عصى فيه الله تعالى!
بل ومن منا ضامن حاضره ومستقبله ألا يعصي الله فيه ، ونسأل الله مقلب القلوب أن يثبت قلوبنا على دينه.
ولاشك أن المعاصي ظلمات، وأن الذنب نكتة سوداء في قلب المؤمن، ولكن الله تعالى شرع لنا التوبة وقبلها منا ، بمحض رحمة وكرم وإحسان منه سبحانه، ومن تمام التوبة أن يحسن العبد ظنه بالله تعالى في أنه يغفر له ويبدل السيئة حسنة.
بل من سوء الظن بالله ومن أدلة وجود خلل في الالتزام الأصلي نقصان رجائك من الله بعد حدوث الزلل والذنب، فنحن بحفظ الله محفوظون إن أطعنا.
هذا فيما بينك وبين الله ، وأما محاسبة النفس وتأنيب الضمير فأمر حسن بالكمية التي تجعل الإنسان يستيقظ من غفلته إن تورط في ذنب، وبالكمية التي تردعه عن الوقوع مرة أخرى ، وأكثر من هاتين الكميتين من التأنيب هو جلد للنفس وبوابة للقنوط من رحمة الله، والرحمة لا تعني فقط الغفران بل إزالة آثار الذنوب وإيجاد السلام الباطني النفسي بعد التوبة الصادقة.
وكم أفضى تأنيب عنيف للنفس إلى الوقوع مرات عديدة من مبدأ "ما دام الثوب قد تلطخ فلا يضره بعدها تراكم الأوساخ".
والمؤمن ينقي ثوبة إن مسته نجاسة ويزيلها ولا يتلطخ بالقاذورات أكثر.
وقرار عدم الزواج ليس صائبًا بل هو مما يعين على التقوى، وابن الناس هذا ليس معصومًا وليس من شروط صحة الزواج أن تكون صفحة السيئات خالية عند الطرفين، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأنت نظيفة الآن فلا تقولي عن نفسك غير هذا.
وأسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليكِ بتوبة تقربنا إليه وتطهرنا لديه بفضل منه سبحانه وجود، وكرم منه معهود.