562      1838
  • ما حكم فعل المكروهات؟ وما رأيكم في التهوين من فعل السنن؟
  • محمود مداد
    محمود مداد
    باحث شرعي ومفتي.. موقع الشبكة الإسلامية
  • هل فعل الامور المكروهة في الدين عمدا كالاكل بالشمال مثلا يأثم صاحبها ام لا؟ وما رد حضراتكم على البعض الذي يهون من شأن بعض السنن ويقول انها مجرد سنة لا يأثم تاركها لذلك ليست من الامر الكبير وما يميز المسلم هو تركه للمحرمات لا قيامه بالسنن؟ وجزاكم الله خيرا
    اعلم أولا أن الأكل بالشمال مختلف فيه، فقيل بكراهته وهو قول الجمهور وقيل بتحريمه وهو قول بعض الحنابلة وهو الذي أفتي به، ثم اعلم كذلك أن كثيرا من المكروهات يختلف في حكمها فيرى البعض تحريمها، ولو لم يكن في تركها إلا مصلحة الخروج من الخلاف والاحتياط للدين لكان حريا بالعاقل هذا.
     
    ثم إن المكروهات حريم الحرام، والتساهل فيها بريد للتساهل في الحرام، كما أن التساهل في ترك المستحبات سبيل للتساهل في ترك الواجبات وذريعة إليه، والمؤمن العاقل يتقي الشبهات كما قال صلى الله عليه وسلم: "فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه".
     
    ومن هوان الدين على كثير من الناس أنهم صاروا يسألون عن الشيء هل هو سنة ليتركوه وهل هو مكروه ليفعلوه لا العكس، والشأن أن يترك المكروه وإن لم يكن فاعله آثما ولكن الله يحب منه ترك هذا الشيء، وأن يفعل المستحب وإن لم يكن تاركه آثما لكن الله يحب منك فعل هذا الأمر.
     
    وأنت تجد الناس يحتاطون لدنياهم غاية الحيطة، فيتركون ما يحتمل أن يضرهم من مأكول أو معاملة أو غير ذلك، ويفعلون ما يرجون به أدنى مصلحة ولو من التحسينيات التي يستغنى عنها بسهولة، وهذا دليل على اختلال الميزان واضطراب النظرة، والذي ينبغي هو تقديم ما يحبه الله ورسوله فعلا واجتناب ما يكرهه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، هذا هو اللائق بالحريص على دينه.
     
    وأما من حيث الحكم الشرعي فتارك المستحب لا يأثم وفاعل المكروه لا يأثم وإن كان مختلفا فيه مثلا فقلد من يرى الكراهة لم يأثم كذلك لكنه يعرض نفسه لاقتحام ما لا يجوز اقتحامه والتجاسر على ما لا يجوز التجاسر عليه، فليكن الأصل فعل المستحبات لا العكس، وترك المكروهات لا العكس، والله الهادي.