الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعدُ؛
فلا فرقَ بين الحائضِ وغيرِها في حكم زيارة المقابر .
زيارة المرأة للمقابرِ - حائضًا كانت أو غير حائضٍ - فيها ثلاثة أوجهٍ عند أصحابنا الشافعية:
فذهبَ جماعةٌ منهم إلى كونِها مباحة، وبه قال الغزاليُّ في الإحياء، والروياني، إذا أمنَ الافتتان والنوح ونحوه؛ ودليلُه عمومُ الأدلة المُجَوِّزَة، ومنها حديث: «كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها»
وذهبَ جماعةٌ منهم إلى أنها محرمة، وبه قال الشيخ أبو إسحاقَ الشيرازي وغيرُه، واستدلُوا بحديث: «لعن الله زُوَّارَاتِ القبور» .
وذهبَ جماعةُ منهم – وهو المعتمد - إلى أنها مكروهةٌ تنزيهًا، واستدلوا بحديث عائشة عند مسلمٍ لما سألتَ رسول الله صلى الله عليه سلم عمَّا تقولُ إذا زارتهم، فقالت: «كيف أقولُ لهم يا رسول الله»، قال: «قولي: السلامُ على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون»،
وكذا استدلوا بحديث الشيخين عن أنسٍ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مرَّ بامرأة عند قبر وهي تبكي، فقال: «اتقي الله واصبرِي»، ولو كانت الزيارة محرَّمة لنهاها؛ إذ لا يجوزُ تأخير البيان عن وقت الحاجة .
والمعتمدُ: الكراهة التنزيهية؛ لأن النساءَ مظنَّة الجَزَعِ والنوح وقلة الصبر عند المصيبة أو عند تذكرها، فيخشى منهن نوحٌ ونحوُه .
ومحل هذه الأوجهِ؛ إنما هي في غير قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما قبره صلى الله عليه وسلم فزيارته من أعظم القربات للرجال والنساء على حدٍ سواء، وألحقَ به قبورُ سائر الأنيباء والأولياء كما قاله أبو العباس ابنم الرفعة وغيرُه .
الخلاصة: زيارة القبورِ للنساءِ تُكْرَه، ولكن ليست حرامًا، ولا فرقَ بين حائضٍ وغيرِها، والله أعلم .