لا يجوز الاحتجاج على المعصية بصغر السّنّ ، ولا بارتكاب الآخرين لها ، ولا بأنّ الله قدّرها ، ولا بأنّه تعالى غنيّ عنّا .
أمّا صغر السّنّ ؛ فإنّ من النّاس من يموت صغيرا ، وهذا = واقع في كلّ آنٍ وحينٍ ، وهو = مشاهد ومعروف، فالتّغاضي عنه = أعظم مكابرة ، ومن ثَمّ فالاغترار بصغر السّنّ = أشنع مجازفة وأكبر مخاطرة !
وأمّا ارتكاب الآخرين للمعصية ؛ فإنّ العصاة متوعّدون بالعذاب ، وكلٌّ سيناله على حدة ، فلن ينفع في هذا الاستقواء بالغير، بل ذلك هو = أعظم هوان إذ قد أغرى صاحبه بالعصيان ، الّذي هو في ذاته = تحدّ لله ، فهو أفظع جراءة وأحقر مبارزة !
وأمّا تقدير الله للمعاصي ؛ فإنّ التّقدير الأزليّ للأفعال الاختياريّة إنّما يتحقّق في الواقع بشروط ؛ منها سعي الإنسان نفسه في الفعل كالعصيان واختياره له ، فسعيه في الطّاعة واختياره لها سيوافق تقديرًا أزليّا أيضًا، فأيّهما أولى بالسّعي فيه وتمام الحرص والمثابرة !؟
وأمّا كون الله تعالى غنيّ عنّا ؛ أي عن طاعة المطيع ولا يضرّه معصية العاصي ، فهذا = صحيح نعم ، ولكنّه لا يتنافى مع كون الإنسان يضرّه الذّنب وهو فقير للطّاعة ؛ فهذا = صحيح أيضًا، وقبل ذلك فأمر الله هو = الحقّ في ذاته ، فالامتثال له = هو الحقّ والخير والعدل ، ومخالفته هي = الباطل والشّرّ والظّلم ، وهي = سبيل خسران وارتكاس وقبوع في الهاوية !
والله أعلم