338      7216
  • يسأل: كيف تزوج ﷺ عائشة صغيرة ومن شروط الزواج: الرشد والبلوغ؟
  • القاسم نبيل الأزهري
    القاسم نبيل الأزهري
    مدرس مساعد بكلية أصول الدين - الأزهر
  • أستاذ قاسم.. كيف الرد على من يقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بعائشة وهي طفلة ومن شروط الزواج كما نعلم الرشد والبلوغ؟

    أولا : لا نحتاج للرد عليه، لأنَّ النبي ﷺ نفسَه هو الميزان الذي نَزِن به عقول الناس وأقوالَهم وأفعالَهم وآراءَهم وأحكامَهم، ولسْنَا نَزِنُ أقوالَه وأفعالَه وأحكامه ﷺ بعقل أحد ورأيِه، فما فَعلَه ﷺ فهو حق وعدل وكمال لا نقص فيه ولا عيب، سَواء رضِيَ بذلك المفتونون أو رفضوه، وسواء وافق أهواءهم التي يسمونها عقولا أو خالفها، آراؤهم هباء لا قيمة لها في الحقيقة، كأنَّها غير موجودة، صياح وعويل وعواء في الصحراء والعراء، ككلب ينبح القمر والسحاب والسماء حتى ينشق حلقه من النباح والهرير، ولكن إنَّما نُبيِّن الحقائق ونجلِّيها لعلهم هم وغيرهم يَهتدون فينجون مِن الهلاك والعذاب غدا، وإلا فنبينا ﷺ في مقام رفيع عال، ليس محلّ اتهام أصلا، كيف وقد زكاه ومَدَح أخلاقه ربُّ العالمين الذي لا يخفى عليه شيء، الملكُ الحق الذي له مقاليد السموات والأرض!

     

    ثانيا : ليس مِن شروط الزواج الرشد والبلوغ، والشروط في مِثل هذا تعرف من جهة الشرع، فهو الذي له حق التحليل والتحريم، وليس في الشرع اشتراط الرشد والبلوغ للزواج، لكن الدخول يكون عند الإطاقة، والوليّ على الطفل أو الطفلة يراعى الأصلح له، فلا يزوِّجه ولا يتصرف له إلا بما هو أصلَح له.

     

    ثالثا: ليس هناك دليل أنَّ النبيَّ ﷺ دخَلَ بعائشة قبل البلوغ، أما مجرد عقد الزواج للطفل أو الطفلة فقد ذكرنا أنه يُراعَى له فيه الأصلح، وعائشة قَد خَطَبها رسولُ الله ﷺ سيِّد الناس وخَيرهم، ورضيَ بذلك أبوها، ورضيَتْ هي بِه، ولَمْ تَعترض على ذلك لا قبل البلوغ ولا بعده، ولا ندمَتْ عليه، ولا اشتكتْ لأحد، وفَوقَ ذلك رضِيَ به ربُّ العالمين الذي له الخَلق والأمر، وفازتْ عائشة بذلك المقام العليِّ فوزا عظيما، ونالت به شَرفًا منيفا، فالمعترض على هذا الزواج العظيم منافِق دجَّال يَدُسُّ أنفَه فيما لا شأن له به، ويُقحِم نفسَه فيما لا دخلَ له فيه، ولذلك فكلامه هَباء وعواء وصياح في العراء كما ذكرت.

     

    وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وآله، وزِده شَرفا ورفعة وعزًّا وفَضلًا، وزد مبغضيه وأعدائه ذِلَّة وقَهرًا، واسقِ كلَّ متعرض بالسُّخفِ لمقامِه الشريف المنيف نَصيبًا مِن قولِك الحقّ: [إنَّ شانئك هو الأبتر].
     
    ---
     
    قد يقول قائل: الجواب المذكور جواب مقنِع للمسلم، أما غيره فكيف نجيب عليه؟
     
    والجواب: مَن كان يُسلِّم بأنه رسول الله فالكلام المذكور يلزمه، وهو له جواب كاف شاف، وإن كان لا يُسَلِّم بأنه رسول من عند الله انتقَل الكلام إليه، فيكون البحث معه في دلائل النبوة.