مجرد ميل أي رجل لأي امرأة، والعكس = أمر غريزي فطري طبيعي في الجملة، إلا في حالات استثنائية، ولذلك وضَع الشرع بين الجنسين حدودا ليَمنَع الاستجابة المُضِرَّة لتلك الغريزة، لأن تلك الاستجابة المُضِرة تفسد المجتمعات وتدمرها، وشرع الزواج ليلبي تلك الغريزة على الوجه الصحيح الذي يبني المجتمعات بناء صحيحا سليما، فحرم الزنا والقرب من الزنا، وشرع الزواج وحث عليه.
هذا بالنسبة لمجرد الميل، وأما التعلق الزائد على مجرد الميل فهذا قد يكون للإنسان فيه يد، وذلك بالنظر لما لا يحل له، وبإطالة التفكير والمراقبة والطمع فيما لم يحصل عليه، وإرسال القلب في أودية التمني والتشهي، فغالبا حصول التعلق يكون بمد عين البصر وإطالة النظر وتكريره، أو بمَدِّ عين البصيرة بكثرة التفكير والتخيل والطمع وتمني اللقاء ونحو ذلك، أو بهذا وهذا، ولو أن الإنسان سد تلك المنافذ على نفسه ففي الغالب لا يحصل التعلق، وإذا حصل ولم يجد سبيلا للحلال فعليه أن يكتم ويعف ويصبر ويحتسب أجر صبره عند الله، ولذلك كان من رحمة الله بنا أن شرع لنا غض البصر للرجال والنساء، كلاهما مطالب بغض البصر، وغير ذلك من تدابير الشرع التي حاصر بها انسياح تلك الغريزة نحو الحرام وإفساد العقول والقلوب والأخلاق والمجتمعات.
[والله يريد أن يتوب عليكم، ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما - يريد الله أن يخفف عنكم وخُلق الإنسان ضعيفا].