هذه نقاط مهمة، وركز في السابعة:
١- الوالد والوالدة لا يستثنيان من وجوب أمرهما بالمعروف ونهيهما عن المنكر، بل لا يجوز ترك أمرهما ونهيهما إلا لسبب يسوِّغ ذلك.
٢- والإنسان إذا تأمل في هذا من جهة إنسانية إضافة إلى الجهة الشرعية فإنه سيجد أن أولى الناس بنصحه أبوه وأمه لخوفه عليهم وشفقته، وأن تركهم بلا أمر ولا نهي هو نوع من التفريط في حقهم.
٣- لكنَّ الوالدين، والوالدان بالذات، ينبغي أن يرقق لهما النصيحة إلى أقصى مدى، وذلك أن هناك بعدًا نفسيًا لدى الوالدين يجب أن يُراعى، وهو أنه مهما كبرت وتعلمت فإنهما يريان أنهما السبب في وجودك، وأنهما الأولى بتعليمك ونصحك وإرشادك، فإذا ما انقلب الأمر وأصبح الولد هو الناصح والمُبيّن فإن ذلك يقع عليهم ثقيلًا جدا، إضافة إلى ما في النصيحة من ثقل أصلًا.
٤- قال الإمام أحمد: (يأمر أبويه بالمعروف وينهاهما عن المنكر).
وقال: (إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة ولا يغلظ له في الكلام وإلا تركه وليس الأب كالأجنبي).
وقال: (إذا كان له أبوان لهما كرم يعصران عنبه ويجعلانه خمرا يسقونه يأمرهم وينهاهم فإن لم يقبلوا خرج من عندهم ولا يأوي معهم).
وذكر الإمام مالك: (أن الوالدين يؤمران بالمعروف وينهيان عن المنكر ويخفض لهما في ذلك جناح الذل من الرحمة).
٥- وتأمل في قوله: ليس الأب كالأجنبي، يعني ليس الأب (وكذا الأم وأولى) كالغريب، فلا يُعنف، ولا يستخدم معه الإنكار باليد، ولا يرفع صوته أبدًا عليه، ولا يُهجر هجر أصحاب الذنوب بأن لا يُكلم ولا يسلم عليه -عند تحقق مصلحة الهجر-.
٦- وانظر إلى طريقة إبراهيم عليه السلام في اختيار ألفاظه في نهي والده عن الشرك وأمره بالتوحيد، (يا أبت)، (إني أخاف) الخ.
٧- ومن المناسب أن يستخدم الولد طريقة كتابة رسالة لطيفة مع هدية مثلًا، أو إن كان أحد الوالدين على المعصية حثَّ الولد والده الآخر على نصحه، فيطلب من الأب نصح الأم والعكس، أو يكلمهم شفويًا باختيار أفضل الأوقات، واختيار أحسن الكلمات، ويتدرج في ذلك.
٨- الغرض الأهم من النصيحة هو رجوع المنصوح عن غلطه، وليس طلبا للإعذار فقط، فلا يكن نصحك لحظِّ نفسك وإنما لله تعالى وخوفًا على المنصوح، ومن يفقه ذلك فإنه لن ينهى عن منكر بطريقة تؤدي إلى منكر أعظم.
اللهم من كان من والدينا حيّا فاهده وأطل عمره وأحسن خاتمته، ومن كان منهم ميتا فاغفر له وارحمه ووسع له في قبره يا رحيم.