هذا الباب يمكننا الكلام فيه طويلًا، لكن الوقت ضيق فسأختصر لك بعض النقاط:
1. نحن لا نسلم أن الرسل لم يُرسلوا إلا لأهل المشرق أو لأهل الجزيرة فقط، لأنه لا يوجد دليل على ذلك، وضع في حسبانك أننا نتكلم عن نطاق زمني بدايته آدم عليه السلام! ويتضمن عددًا مهولًا من الأنبياء، آلاف! .. [ورسلًا لم نقصصهم عليك]
2. الله جل وعلا يشير إلى عكس ذلك في كتابه، كما قال جل وعلا: [ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت]، وقال سبحانه: [وإن من أمة إلا خلا فيها نذير].
3. أشار شيخ الإسلام وغيره أن ما توارثته الأمم من الحكمة الإلهية ونحوها إنما هو من بقايا آثار الأنبياء وتعاليمهم، والتأمل في ديانات الحضارات القديمة قد يرجّح ذلك الاحتمال جدًأ.
4. ضع في حسبانك أيضًا أن العالم وخريطته الحضارية والديموغرافية قبل بني إسرائيل لا يشابه بأي حال الوضع الحالي، أوروبا لم تكن أوروبا التي تعرفها!
5. كانت دعوات الرسل على مر السنين تمهيدًا لختم هذه الدعوات بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو ليس خاصًا بالمشرق ولا بالمغرب، ولكنه أُرسل للناس كافّة، ليس نبي العرب، ولكنه نبي الدنيا بأسرها، أما لماذا خرج من العرب دون غيرهم؟، فلهذا أسبابه المنطقية الظاهرة جدًا التي تضيق المساحة عنها، ولكن على أية حال، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وذلك النبي العربي هو الذي قال: "لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي .. إلا بالتقوى"، وهو الذي قدّم العجم وكانوا من خيرة أصحابه المقربين، وهو الذي كان أميز علماء أمته وورثة نبوته هم العجم من كافة أقطار الأرض.
6. الله جل وعلا لا يعذب إلا من قامت عليه الحجة وبلغته الرسالة على وجهها: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا"، والله جل وعلا لن يرسل رسولًا لكل إنسانٍ بخصوصه، مع كثرة الناس وشتاتهم، لكن كان من تمام عدله جل وعلا أنه لا يعذب إلا من بلغه الرسول.