حديث: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" ليس فيه أي إهانة إن قلنا بصحة الحديث، ولكن ننبه أن الحديث ليس أمرًا بالسجود، ولكن المقصود أنه لو كان يصلح أن يسجد أحد لأحد لكان من المفترض أن تسجد المرأة لزوجها، وهذا سجود تكريم لا سجود عبادة، وهذا السجود لا يعني إهانة الساجد أو ذلته أو هوانه، ولكنها تعني تكريم المسجود له واحترامه وتعظيمه.
ومثال ذلك سجود أبوي يوسف وإخوته له، فهل هذا إهانة ليعقوب عليه السلام؟ ذلة لأمّه؟!، لا أبدًا، ولكنه إكرام وتعظيم ليوسف عليه السلام بما يقتضيه شرع هذا الزمان وأعرافه، وهذا حَسَن من المرأة أن تكرم زوجها وأن تحترمه وأن تعظمه، وأن يرى ذلك منها في نظراتها وكلماتها وأفعالها، فهذا من أعظم أبواب صلاح البيت ودوام الحب.
كنت منذ يومين مع بعض أقاربنا الريفيين ونتكلم عن صعوبة تغيّر الشاب بعد الزواج، فقال لي: لا، أم محمد غيرتني، كنت أتعصب وأتضايق وأنتقدها أحيانًا فلا تقابل ذلك إلا بالاحترام والإكرام والعتاب اللطيف، فكانت تكسرني باحترامها!، وهذا الرجل يجل زوجته جدًا إلى يومنا هذا، وقد بلغ من الكبر عتيًا، ومن أعظم أسباب فساد البيوت وارتفاع معدلات الطلاق هو تلك المفاهيم الفاسدة التي حشروها حشرًا في رؤوس النساء، كأن لا تحترم زوجها ولا تبالغ في إكرامه وتبجيله حتى لا يتمرد عليها، وأن تعامله معاملة الند للند، واحدة بواحدة، وأحيانًا من أول يوم لدخول الخاطب إلى البيت يبدأ الصراع الملحمي بين العريس وأهله، والعروسة وأهلها، والنصائح المفسدة من أصدقاء الطرفين وأقربائهما!
فالحديث فيه مسلك عظيم لحفظ البيت، تحترم المرأة زوجها وتعظمه من غير إهانة نفسها، فتشبع حاجته الذكورية للتعظيم والاحترام، وتشبع حاجتها الأنثوية للالتجاء إلى ركن يحفظها ويرعاها ويقوم عليها، فتدفع عن بيتها الكثير من الشرور.
بعد ذلك ..
هل هناك أزواج لئام يستحقون الذبح لا التكريم، ولا يلحظون المعروف؟!
نعم، لذلك نقول أحسنّ اختيار الأزواج، فالعيب في اختياركن لا في الحديث والآثار!