ما ذُكر لليلة القدر من العلامات في الأحاديث أكثره خاصّ بالظّرف الّذي قيل فيه؛ فقد ذُكر من علاماتها نزول المطر وسجود النّبيّ صلى الله عليه وسلم صبيحتها في الماء والطّين وذُكر أنّها ليلة مطر وريح، وذُكر أيضًا عكس ذلك كصفاء جوّها وشدّة ضوئها وكذا ذُكر اعتدال حرّها وكونها لا حارّة ولا باردة ونحو ذلك ممّا يدلّ أنّ مجموع الوصف إنّما هو مقولٌ من النّبيّ صلى الله عليه وسلّم في أعوام مختلفة كما أنّه لا يكون إلّا بالنّظر إلى مكان واحد ـ وهو المدينة الّتي وقع فيها ذلك الخطاب بالأصالة ـ إذ الجوّ في غيرها من بقاع العالم في وقت واحد قد يُخالف ما وُصف.
وإنّما العلامة العامّة التي تُعرف بها هذه اللّيلة في كلّ مكان وسنة ـ فيما أرى ـ هي = طلوع الشمس صبيحتها بيضاء لا شعاع لها لورود ذلك في ليال مختلفة؛ ففي "صحيح مسلم" 761 وغيره من حديث أبيّ بن كعب: هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقيامها؛ هي صبيحة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها. وهو عند النّسائي في *الكبرى* 3406 وابن حبّان في *صحيحه* 3689 وغيره مصرّحٌ برفعه.
وفي "المسند" (1 / 406)، وغيره من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن ليلة القدر في النِّصف من السبع الأواخر من رمضان، تطلع الشمس غداةَ إذٍ صافيةً ليس لها شعاع، قال ابن مسعود: فنظرت إليها فوجدتها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيه أنّ الشّمس تخرج صبيحة ليلة خمس وعشرين لا شعاع لها أيضًا مع ما ذُكر ذلك في أحاديث أخرى بما يتبيّن معه أنّ تلك علامة صحيحةً في كلّ عامٍ، والله سبحانه أعلم.