خسرت خسائر كبيرة بسبب تقصيري وذنوبي، هل من نصيحةٍ لي؟، أصبحت مكتئبا ومحبطا جدا، قُل لي شيئا يساعدني على تعويض خسائري.
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ؛
بل ربحت ربحا عظيما لو علمت حقيقة ما خسرت وما ربحت لفرحت به وما حزنت عليه! وإنما هذه حقيقة الغرور في متاع الحياة الدنيا يفرح بها الإنسان وفيها شقاؤه ويحزن عند فقدها وفيه نجاته!
فعجبا لمن يحزن على الدنيا والله سبحانه وتعالى يحميه منها ومن زينتها ومتاعها وغرورها، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.
وكل خسارة ومصيبة في الدنيا في النفس والمال والأهل يصبر عليها المؤمن هي ربح له وزيادة في أجره في الآخر، قال الله سبحانه تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ • الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ • أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} ولو لم ينزل من القرآن في شأن الصبر وثواب الصابرين إلا هذه الآية لكانت كافية في حمل النفس عليه ابتغاء صلوات الله تعالى ورحمته وهدايته!
ولنفحة رحمة من رحمات الله عَزَّ وَجَل بالعبد خير من الدنيا وما فيها!
كيف وقد قال الله -عَزَّ وَجَلَّ شَأنه- عن ثواب الصبر: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
ولو خسر العبد الدنيا كلها ومتاعها وهو لا بد سيخسرها بوفاته يوما ما ثم نجا يوم القيامة من النار لكان ذلك هو الفوز المبين، قال الله جَلَّ جَلاله وتَقَدَّسَت أسماؤه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.