قل لي شيئا يحثني على المداومة على الأذكار.
الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله، أمَّا بعد؛
الذكر بركة الحياة ونور القلب وعافية الروح، وحسبك هذا الشرف العظيم الجليل الذي ورد في الحديث الإلـٰهي في الصحيحين: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة)!
ولا شرف ولا نور ولا جلال ولا جمال ولا حب أعظم من هذا! ولو لم يرد في ذكر الله -عَزَّ وَجَل- إلا هذا الحديث وحده لكفى!
وفي وصية نبي الله سيدنا يحيى عليه الصلاة والسلام لبني إسرائيل التي أخبرنا عنها نبينا ﷺ في الحديث الصحيح: (وَآمُرَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيرًا، وَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، فَأَتَى حِصْنًا حَصِينًا فَتَحَصَّنَ فِيهِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ أَحْصَنُ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذَا كَانَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى)!
فالذكر قلعة طمأنينة وملاذ أمان وموئل حفظ وعناية!
وفي وصية النبي ﷺ للرجل الذي قال له: (إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فمرني بشيء ألزمه،
فقال ﷺ: "لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله")!
فدله رسول الله ﷺ على قاعدة الخيرات ومفتاح الرحمات والبركات؛ فإن من كان لسانه رطبًا من ذكر الله -عَزَّ وَجَل- كان ولابد مسارعا خفيفًا إلى الطاعات، مصحوبًا برفقة الملائكة، محفوظًا من دنس المعاصي، فإن وقع ذكر فتاب.
والذِكر منشور الولاية وشعار الصالحين وملاذ المساكين!
وأرجو مطالعة كتاب شيخ الإسلام الولي العارف أبي عبدالله ابن قيم الجوزية -رضي الله عنه- : "الوابل الصيب" عالم الفوائد، ففيه بيان فريد عن شرف الذكر وفوائده.
والله أعلم.