ما الذي يجعلني أعيش بالدنيا ما دام أن وقتها مؤقت؟ لا أتكلم عن فكرة الانتحار، ولكن أتكلم عن فكرة المشاعر، السرور والحزن والحب والكره، وعن الأهداف الدنيوية، واهتمامي بمظهري وصحتي...إلخ، ما دام أن نهايتي الموت وكل ذلك سينتهي، فلمَ أهتم؟
الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله، أمَّا بعد؛
قال الله سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم، واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون}.
الدنيا وسيلة ومرحلة انتقالية تجاه الآخرة، وفيها من الطيبات ما أحلَّه الله تعالى لعباده، كما فيها من العبادات ما شرعه الله لعباده ليكونوا له عبادا شاكرين، وليجزيهم بشكرهم وطاعتهم جنات النعيم، والعاقل طوع ربه، يرجو رضاه، ويعمل لما خلق له.
ولا يمكن لأحد أن يعيش بلا سرور ولا حزن، ولا حب ولا بغض، لا يمكن هذا طبعا ولا شرعا..
فمن السرور والحب والبغض ما هو مأمور به شرعا، ومن ذلك كله ما هو من طبيعة الدنيا والابتلاء فيها، فدعوى العيش بلا حب ولا بغض ولا سرور ولا حزن مجرد دعوى خيالية كاذبة..
أما إن كان المقصود الاقتصاد في السرور والحزن والحب والبغض لما يرتبط بأمر الدنيا لشدة استحضار زوالها وسرعة انقضائها، فلا مشكلة، والاقتصاد في هذا مطلوب..
فرح وحزن وحب وبغض لأمور الدنيا بقدر، لكن ذلك لا يعوق عن عمل فيه صلاح لدينك أو دنياك، بل السرف في التأثر بأمور الدنيا ومجاوزة الحد في ذلك وشدة التعلق بأمرها حبا أو بُغضا بحيث يكون شيء منها مدار حياتك = غفلة عن ما له خلقت، وعن ما إليه تسير.
والله أعلم.