634      1199
  • صديقتي تركت دعاء الله لأنه لم يستجب لها، كيف أساعدها؟
  • كريم حلمي
    كريم حلمي
    فقه حنبلي
  • صديقتي كانت تمر بأزمة، وظللنا ندعو كثيرا بيقين في الإجابة مع الأخذ بكل الأسباب، لكن لم يرد الله ولم يتحقق طلبنا، فهي حاليا نفسيتها مدمرة، وعندما أنصخا بالدعاء تسكت وتقول: دعونا كثيرا، أنا خائفة عليها من أن الشيطان يفتنها وتترك الثقة في دعاء الله وتبتعد عنه، فكيف أساعدها؟
    هذا من أوسع أبواب الشيطان للكفر بالله جل وعلا..
     
    وأنا قابلت ذلك كثيرًا للأسف..
     
    نعم نحن مأمورون أن ندعوا جل وعلا برجاء ويقين، لكننا نعلم كذلك أن الله جل وعلا أخبرنا أنه قد يوقع ما طلبه العبد وقد لا يفعل لحكمته جل وعلا، ولكن يعطيه خيرًا مما طلب!
     
    الإنسان أحيانًا يدعو الله جل وعلا ويظن أن الله ملزم أن يستجيب له وأن يحقق رغبته ..
    بل يظن أصلًا أنه أهلٌ لإجابة الله له، وينسى في لحظة قدر ذنبه وتقصيره الذي لولا ندب الله لنا لكان ينبغي أن يستحي أن يطلب معه من الله شيئًا!
     
    وأحيانًا يكون دعاء المرء بأمور يريد بها أن يغير مقادير الكون وسننه، يدعو أن يبدل أبوه لأنه لا يحبه، وأن يُقبل في الوظيفة التي لا يملك مؤهلاتها، وأن يخرج بسلام من كل مغبات أخطائه وسوء تصرفه، وأن تتزوج ذلك الشخص الذي لا يحبها ويحب غيرها ولا يلائمها أصلًا، وهكذا!
     
    وأيضًا يدعو الإنسان مع تواكله وعجزه، تحيط به المشاكل، فيدعو يدعو، وهو قاعد عاجز لا يبذل جهدًا في مواجهة الحياة، والمقاتلة في ساحتها برجولة، والتعامل مع مشاكله قدر استطاعته مستعينًا بالله، لكنه يريد أن يجلس يبكي ويدعو وتُحل كل معضلاته..
     
    هو هو ذلك الإنسان الذي يستسلم للمعاصي والشهوات والغفلة، تقوده كالأعمى المكبل الذي لا يبدي أي مقاومة، ثم هو يدعو، بل ويعاتب الله جل وعلا على استمراره، يا لوقاحة الإنسان!
     
    معذرة .. أحببت استغلال السؤال لأنفّس قليلًا !
     
    أسأل الله جل وعلا أن يفرّج عنها وأن يهدي قلبها..
     
    ذكريها بالله، وبسعة لطفه وكرمه سبحانه، وأن الفرج مع الصبر، وأن مع العسر يسرًا، وأن اشتداد الظلام مؤذن بقرب بزوغ الفجر..
     
    وذكريها بالثقة في الله، وفي قضائه، وأن الله يعلم وأنتم لا تعلمون، وأن الله يقدر بالحكمة، والعبد ينظر بالهوى والطمع، وأن الله يبتلي العبد ليخلصه، ويبتليه ثم يدرك العبد يومًا أن ذلك البلاء كان عين النعمة ولكن غابت عنه الحقائق!، وأننا عباد لله، نعبده كما أمر، وعلى كل حال، لا نعبده لمجرد الطمع في لعاعات الدنيا، ولا لمجرد الأمان من غلوائها، ولكن نعبده حبًا ورغبًا ورهبًا..
     
    وثم أعينيها على التخلص مما هي فيه..
     
    الاكتئاب والقلق وغيرها من الأمراض النفسية العصابية من أوسع مراتع الشيطان في نفس الإنسان..
     
    تحتاج أن تستفيق قليلًا .. تذهب لطبيبة نفسية إذا لزم الامر .. تواجه الواقع .. تتعامل مع مشاكلها بقوة .. تضرب بمعاول الأمل والرجاء واليقين الصخر الصلب، تهز بيدٍ - ولو ضعيفة مرتعشة - جذع النخلة، لكن لا تجلس تبكي وتلوم الأقدار!