هل يحرم وضع الفتاة صورها على فيسبوك، سواءً كانت متبرجة أو محجبة بحجاب فيه نقص أو تامة التحجب؟ ولماذا؟
الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
هو حرامٌ عندنا في أغلب الحالات، وإن كانت بعض الصور قد لا ترقى إلى التحريم، ولكني لا أراها تنزل عن مرتبة الكراهة ..
= أما المتبرجة والمحجبة بحجاب غير منضبط فظاهرٌ؛ لعدة أسباب:
- أن فعلها (التبرّج) في ذاته حرام، ثم هي تجاهر أكثر وأكثر بهذا الحرام بأن تنشره بين مئات أو آلاف الناس على الملأ، فإن كان تبرجّها أمام رجلٍ واحد حرام، فكيف بتبرجّها أمام المئات منهم؟!
- أن مجرد نظر الرجال إليها حرام عندنا، وإبرازها لصورتها وثبيتها أمام أعينهم إعانة على الحرام، ويزداد الحرام أكثر وأكثر إذا كان النظر مع التشهّي.
- أن ذلك مخالف لمقاصد الشرع بالنسبة للمرأة، فالشرع يدعو إلى تستر المرأة عمومًا، يدعوها لخفض صوتها، لتغطية أكبر قدر ممكن من جسدها (بما في ذلك الوجه عندنا)، لاحتجابها عن الرجال وأعينهم، بل لعدم وصفها لهم، يدعوها لأن تصلي في بيتها، في غرفتها، في خدرها .. يدعوها لأن تُخفي وساوس حُلّيها عن أسماعهم وقلوبهم .. وأن تجتهد في المحافظة على ذلك في حياتها اليومية من غير تقييد لها .. ومن يعرف عقول الرجال ونفوسهم - من غير عناد أو طوباوية - يدرك مدى حكمة الشرع في هذه الأحكام العظيمة.
= وأما غير المتبرجة، فإما أن تقلّد من يفتي بوجوب النقاب، وإما تقلّد من يفتي باستحبابه:
فإن كانت تقلّد من يفتي باستحبابه:
- فعندنا أن النظر إلى وجهها محرّمٌ كذلك، وفي تثبيتها لصورتها أمام أعين الرجال إعانة على ذلك المحرم، فيجب عليها أن تحجب نفسها قدر الوسع عمّن يدقق النظر إليها، فضلًا عمّن تعلم أنه ينظر إليها باشتهاء، وهذا موجود في مجتمع الفيسبوك مثلًا بلا شك،
وإن كان الشرع أجاز لها - على هذا القول - كشف وجهها في حاجاتها وسيرها بين الناس، ففرق كبير بين هذا وبين صورة موضوعة أمامهم ليل نهار، بل قد يحفظها ويطالعها مرة بعد أخرى ويتبادلها مع غيره!، بل بعض أصحاب العقول المريضة قد يسترسل في خيالات سافلة، فضلًا عن قص ولصق الصور وما شابه، وبعضهم قد أرسل لي - على ما أتذكر - يسألني عن كيفية التوبة من مثل هذا!! .. وأنت تجد الفقها - حتى القائلين بالاستحباب - يبالغون في تأكيد استحباب تغطية الوجه خاصة في زمن الفتنة ورقة الديانة!، ويذكرون عبارات حسنة في هذا المقام.
- وأيضًا هذا يخالف مقاصد الشرع المعتبرة سواء قلنا بوجوب النقاب أو استحبابه.
وأما إن كانت تقلّد من يقول بوجوبه، وتغطي وجهها:
فإما تبدي عينيها وإما لا:
- فإن كانت تبدي عينيها، فإنه لا يجوز النظر إليهما، ولو كان أبيح للحاجة وإتاحة الرؤية، فما الحاجة لظهورها ههنا وتثبيتها أمام أعين الناس؟!، فضلًا عن أن يظهر في العينين أثر البسمات ونحو ذلك؟! ..
- ولأنه مخالف لمقصد الشرع الذي ذكرناه، والفقها يذكرون ذلك، قال الإمام الرملي الشافعي رحمه الله في نهاية المحتاج: "وحيث قيل بالتحريم - وهو الراجح - حَرُم النظرُ إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها - كما بحثه الأذرعي -، ولا سيما إذا كانت جميلة، فكم في المحاجر من خناجر!" .. وهذا موافق لكلام الحنابلة بلا شك، ولهم نصوص في ذلك ..
وإما أن تكون محتجبة بالكامل .. فما الداعي لمثل هذا إذًا؟!
.. لا أرى له أي قيمة سوى متابعة موضة هوس التصوير ليس أكثر، بل هو قد يكون مدعاة للعَجَب لرجل كافر مثلًا لا يفهم شيئًا .. له أن يتساءل: إن كنتِ تريدين ستر نفسك عن أعين الناس بالنقاب فلِمَ الصور ومشاركتها بين الناس إذًا؟!! .. وكذلك أراه مخالفًا لمقاصد الشرع المذكورة سابقًا ..
وبعض المقامات عمومًا أهون من بعض، وبعض الصور قد تكون مقبولة أكثر من غيرها!