578      1371
  • ذهبت لخطبة متدينة لكن لا يعجبني جمالها، فكيف أظفر بذات الدين؟
  • محمد سالم بحيري
    محمد سالم بحيري
    فقه شافعي.. تحقيق التراث
  • ذهبت لبنت منتقبة ومتدينة هي وأهلها ولكن ليست جميلة كما أريد، كيف اتبع النبي في الظفر بذات الدين ان تركتها للبحث عن ذات الجمال؟
    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعدُ ؛
     
    فأولًا: إن كنتَ عازمًا على عدم خطبتها أو الإكمال معها = فلا تشعرها - ولو مجرَّدَ إشعار - بأنها ليست جميلة ؛ فإن ذلك من شأنه أن يجرحها ويؤذيها ، ولئن كانت غير جميلة في نظرك فإنها جميلة في نظر غيرك ، وسيرزقها الله الخير.
     
    ثانيًا: لا تتزوج إلا من تظن أنها مرضية لكَ من جهة الجمال ، ولا تحمل نفسك على ما لا تحب.
     
    تركك لها الآن خيرٌ من آذاك لها بكلامك وإشاراتك بعد الزواج ، ولا ذنب لها في أنها ليست على ذوقك ومعيارك في الجمال.
     
    ثالثًا: ثمَّ فهم مغلوط عندك وعند غيرك يا حبيب ، فبعض الناس يفهم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «فاظفر بذات الدين» أن اعتبار الخاطب لجانب الجمال إلى جانب الدين أمرٌ منبوذٌ مخالف لوصية النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا فهم سقيم ، وذلك من أوجه:
     
    الوجه الأول: لا إشكال أنه يجوز اعتبار خصلة من الخصال الثلاث [ الجمال أو الحسب أو المال] مع جانب الدين ، بل تكون هذه الخصال من المرجحات ، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/135) : (قوله : (وجمالها) يؤخذ منه استحـــبابُ تــزوج الجميــلة إلا إن تعارض الجميلة الغير دينة والغير جميلة الدينة ، نعم لو تساوتا في الدين فالجميـــــلة أولي) .
     
    الوجه الثاني: الإشكال إنما هو في تمحيض قصد خصلة من هذه الخصال دون النظر إلى مسألة الدين [كأن ينظر إلى مسألة الجمال دون اعتبار الدين] ، ففريق ذهب إلى أن ذلك مكروه كراهة تنزيه ، وفريق ذهب إلى أن ذلك خلاف الأولى . [المفهم ج13/61 للقرطبي ، البحر الرائق ج3/86 ، البيان والتحصيل ج18/ص561].
     
    الوجه الثالث: الفقهاء يذكرون في الصفات المستحبة في الزوجة : كونها جميلة ، وقد نص على ذلك السادة الشافعية وغيرهم ، فمن نصوص الشافعية ما جاء في «تحفة المحتاج» (ج7/ص189): «ويسن أيضًا كونها ودودًا ولودًا ... وحسناء» ، ونحوه في «نهاية المحتاج» (ج6/ص185) ، ومن نصوص السادة الحنابلة ما جاء في «شرح منتهى الإرادات» (ج2/ص623) : «ويسن أيضًا تخير الجميلة للخبر ، ولأنه أسكن لنفسه ، وأغض لبصره ، وأكمل لمودته ، ولذلك شرع النظر قبل النكاح ، وعن أبي هريرة قال : «قيل يا رسول الله أي النساء خير؟ قال: التي تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ولا في ماله بما يكره»».
     
    كذلك فقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : (والله ما أفاد رجل فائدة بعد الإسلام خير من امرأة [حســــناء] حسنة الخلق ودود ولود ، والله ما أفاد رجل فائدة بعد الشرك بالله شر من مرية سيئة الخلق حديدة اللسان) ، وهو أثر صحيح عنه ، أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج7/ص82) و«شعب الإيمان» (ج6/ص416) قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغانى حدثنا يحيى بن أبى بكير حدثنا شعبة قال معاوية بن قرة أبو إياس قال سمعت أبى يحدث عن عمر رضى الله عنه به.
     
    رزقك الله من كل خير ..