التحرش جريمة كبيرة تدل على فساد خلقي خطير، وانتشارها في المجتمع دال على انحلال وعدم أخذ بعرى هذا الدين المتين.
والإسلام يحرم كافة صور هذه الجريمة بدء من التحرش اللفظي إلى ما هو أكبر من ذلك، وقد وضع تدابير وقائية لمنع انتشار الرذيلة لا شك أن ترك الناس لها أو لكثير منها من أعظم أسباب تلك الجريمة.
والعلاج لا بد أن يكون على أصعدة شتى، فمنها ربط الشباب بالدين ومعانيه المتينة وبيان أن الله تعالى يغار وغيرته سبحانه أن يأتي العبد ما حرم عليه وأن العاقل السوي يكره انتشار هذا في المجتمع إذ هو لا يرضاه لأخته ولا لأمه ولا لأحد من محارمه، وأن معصية المرأة وتبرجها لا يسوغ له الاعتداء عليها ولا معصية الله تعالى في شأنها فإن كل نفس بما كسبت رهينة.
ويجب التذكير بالضوابط العظيمة التي وضعها الإسلام وجعل مراعاتها من أهم أسباب منع انتشار الفاحشة في المؤمنين، ابتداء من الأمر بغض البصر مرورا بالنهي عن الخلوة بالأجنبية وأمرها بالحجاب والنهي عن مكالمتها حيث خيفت الفتنة وعن خضوعها بالقول وهلم جرا، والتقليل من أهمية الحجاب وأن له أثرا في منع مثل هذه الأفعال غلط ظاهر، وقد نبه الله تعالى على ضرورة التصون والاستعفاف بلبس الحجاب الكامل وعلل ذلك بإرادة عدم تعرض الفساق لتلك المحتجبة، قال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين). قال أبو حيان: ذلك أدنى أن يعرفن لتسترهن بِالْعِفَّةِ، فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُنَّ، وَلَا يُلْقَيْنَ بِمَا يَكْرَهْنَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَتْ فِي غَايَةِ التَّسَتُّرِ وَالِانْضِمَامِ، لَمْ يُقْدَمْ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ الْمُتَبَرِّجَةِ، فَإِنَّهَا مطموع فيها. انتهى.
والحاصل أن الحديث عن بعض الأسباب وإغفال بعضها قصور في التصور فإن رقة الديانة وضعف الصلة بالوحي هي التي حملت الجميع رجالا ونساء على ما ترى من التهتك والانحدار الخلقي، والواجب إقامة جميع تعاليم الوحي في جميع الناس ما أمكن، والله الهادي.