المعنى العام صحيح وهو حمل الهم العام للأمة وليس متابعة الأخبار كما يفهمه بعض البطالين.
(1)
حديث من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم= حديث منكر شديد الضعف لا يثبت عن رسول الله.
والاهتمام بأمر المسلمين شعبة إيمانية ثابتة لا تحتاج لهذا الحديث، ومنه: بر الوالدين وصلة الرحم والسعي على الأرملة والمسكين والصدقة على الفقير وابن السبيل وتعليم العلم ونفع الناس، فكل هذا من الاهتمام بأمر المسلمين، ومن ضيعه وظن أن تتبع الأخبار في القنوات وعصر العين تباكيًا ثم التولي عن الواجبات والمندوبات التي تحت يديه بالفعل= فهو آثم لم يهتم إلا بما هو حرق للوقت ليس فيه نفع لا لقريب ولا لبعيد.
فمن تابع وحزن وتأذى ولم يقصر فيما عليه وراعى أولوياته ودوائر نفعه الحية= هذا حسن، ولكن أكثر الناس ليسوا كذلك.
هو يظن أنه منشغل بأمر عظيم ما دام يتابع أخبار كوارث المسلمين الكبرى، والواقع أنه بطال ليس له من المتابعة إلا أجر ما يقع في قلبه من التأذي لضر المسلمين، لكن بعد ذلك يظل فارغًا لم يصنع شيئا يثقل ميزانه ويجيب به عن سؤال العمر الفاني.
(2)
((لم ينشغلوا بتغيير العالم، كان كل طموحهم ينحصر في إيصال أقلام الرصاص لأطفال المدارس في القبائل الأفريقية)).
متى مضى على اقتناعي بالمفهوم الذي تشير له هذه العبارة المقتبسة؟
أظن عشر سنوات.
سعادة الإنسان ومفتاح خلوصه من إحباطات الحياة المتتالية، ومفتاح العمل الحقيقي لا بطالة الشعارات= يكمن في نجاحه في صناعة الإنجازات الصغيرة المنتظمة والمتتابعة، التغييرات التي لا يشعر بها معظم الناس، ولا يجدونها أعمالًا عظيمة، لكنها تمثل شيئًا عظيمًا جدًا للذين فعلتها لهم.
وكما في اقتباس عظيم آخر:
-إنَّ كل هذا الذي تفعله، ليس إلا قطرة في بحر.
- ربما، ولكن، ليس البحر يا سيدي إلا كمًّا من القطرات.
الفسيلة لن تغير العالم، لكنك أمرت بغرسها ولو قامت القيامة؛ لأنك تجدها في ميزان حسناتك تثقله، وهذا هو المهم.