لوسمحت يا شيخ عايزة أعرف العرف في الجواز اللي هو القايمة، يقابله المهر والشبكة والمؤخر.. اختلف الكلام كتير على فهم أصل الأمور، والشباب اليومين دول مش جاديين، والأهل بيكونوا مصرين الشاب يعمل الحاجات دي عشان يثبت جديته.. أنا كبنت دلوقتي عايزة أفهم ايه الصح شرعاً؟؟
لو في عريس مش عايز يمضي قايمة وعايز يطبق الشرع .. المفروض يطبقه إزاي؟؟ وازاي يحدد قيمة المهر؟؟ مع العلم العريس دا ظروفه هيتجوز خارج مصر، مش هيجيب شقة في مصر ولا في جهاز ولا أي حاجة .. هو مش عايز يبقى فيه قايمة وعايز يدفع مهر ويجيب شبكة ويكتب مؤخر .. ففي الحالة دي ازاي نطبق الشرع ؟ وازاي نحدد قيمة الحاجات دي.. وشكراً
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وبعد؛
المهور من الأشياء التي للعرف فيها مدخل كبير، فقد قال الله تعالى: {ﻭﺁﺗﻮﻫﻦ ﺃﺟﻮﺭﻫﻦ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ}.
ومن القواعد الفقهية الكبرى في الشريعة، قولهم 《العادة مُحكَّمة》
فكل عادة وعرف مستقر لا يخالف الشرع، فإن الرجوع إليه هو مما أمر به الشرع.
بالنسبة للمهور، لم يحدد الشرع جنسا ولا قدرا للمهر لا يصح إلا به.
فيصح أن يكون المهر نقودا معاصرة، أو ذهبا، أو فضة، أو سيارة، أو عقارا، أو منفعة عقار، كأن يعطيها مهرها منفعة بيت لمدة عشر سنوات مثلا، ويبقى البيت ملكه، ويصح ان يكون المهر ثوبا مثلا، بل يصح أن يكون مهرها تعليمها شيئا نافعا.
وفي البخاري أن اﻣﺮﺃﺓ جاءت ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﺇﻧﻲ ﻭﻫﺒﺖ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻲ، ﻓﻘﺎﻣﺖ ﻃﻮﻳﻼ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺟﻞ: ﺯﻭﺟﻨﻴﻬﺎ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻚ ﺑﻬﺎ ﺣﺎﺟﺔ.
ﻗﺎﻝ: "ﻫﻞ ﻋﻨﺪﻙ ﻣﻦ ﺷﻲء ﺗﺼﺪﻗﻬﺎ؟"
ﻓﻘﺎﻝ: "ﺇﻥ ﺃﻋﻄﻴﺘﻬﺎ ﺇﻳﺎﻩ ﺟﻠﺴﺖ ﻻ ﺇﺯاﺭ ﻟﻚ، فالتمس ﺷﻴﺌﺎ".
ﻓﻘﺎﻝ: "اﻟﺘﻤﺲ ﻭﻟﻮ ﺧﺎﺗﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺪ" ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪ.
ﻓﻘﺎﻝ: "ﺃﻣﻌﻚ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﻲء؟"
ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ، ﺳﻮﺭﺓ ﻛﺬا، ﻭﺳﻮﺭﺓ ﻛﺬا، ﻟﺴﻮﺭ ﺳﻤﺎﻫﺎ.
ﻓﻘﺎﻝ: "ﻗﺪ ﺯﻭﺟﻨﺎﻛﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻣﻌﻚ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﺁﻥ".
ويصح كذلك أن يكون المهر ناجزا معجلا، كما يصح أن يكون مؤجلا مؤخرا.
إذا علمنا ذلك، علمنا أن الأمر أوسع من ان تُحدد طريقة بعينها لدفع المهر ويقال أن هذه هي السنة أو الشرع.
فقديما كان السائد المعمول به هو أن يدفع الزوج نقودا كمهر للعروس، ويجهز بيته كما يتيسر له، ويكون المهر المدفوع ملكا للعروس، والبيت وما فيه ملك الزوج.
وهذه للصورة ما زالت هي الصورة الشائعة في كثير من البلدان.
وفي بلادنا (مصر) شاع بين أكثر الناس أن الزوج لا يدفع نقودا كمهر، وإنما يعطي للعروس قدرا من الذهب وهو المسمى بالشبكة، ويأتي بجزء من الأثاث وهو المسمى بالجهاز، ويكتب لها جزءا مؤجلا من المهر وهو المؤخر.
وتعارف الناس على أن يكون المؤخر مستحقا للزوجة عند إحدى الفرقتين، موت أحد الزوجين أو الطلاق.
فإن طلقها دفع لها مؤخرها، وكذا لو مات دُفع لها كدينٍ عليه قبل تقسيم التركة، ولو ماتت هي استحق ورثتها نصيبهم من المؤخر.
وهذه الصورة وهو تكون المهر من (الشبكة، والجهاز الذي يأتي به الزوج، والمؤخر)، صورة شرعية كذلك لا حرج فيها.
فلو اختارا أن يسيرا على هذا العرف فلا حرج، ولو اتفقا على خلافه واختارا صورة أخرى من صور المهر، كأن يدفع الزوج نقودا ويكون الجهاز ملكه فلا حرج أيضا.
لأن الشرع كما قلنا لم يعين جنسا ولا قدرا للمهور.
لكن في العمل بالصورة السائدة التي يتكون فيها المهر من (الشبكة، والجهاز، والمؤخر) إشكالٌ وهو:
إذا كان الجهاز الذي سيأتي به الزوج مهرا، فيكون ملكا للزوجة، وكذلك الجزء الذي ساهمت به الزوجة من الجهاز ملكها بطبيعة الحال، وكل ذلك موجود في مسكن الزوجية يباح للزوج استعماله والانتفاع به.
وهو تحت تصرفه في الحقيقة، وكذلك الشبكة في كثير من الأحيان يأخذها الزوج ليستعين بها على ملمات الحياة، فإذا كان مهرها الذي هو ملكها كله تحت يد الزوج، فما الذي يضمن للزوجة حقها ويثبت ملكيتها لهذه الأشياء؟!
من أجل ذلك لجأ الناس إلى كتابة ما يسمى بالقائمة، فالقائمة هي مجرد توثيق لحق الزوجة في مهرها.
الجواب: لا، ليس واجبا، لأن الله تعالى يقول عن كتابة الديون:
{ﻓﺈﻥ ﺃﻣﻦ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﺑﻌﻀﺎ ﻓﻠﻴﺆﺩ اﻟﺬﻱ اﺅﺗﻤﻦ ﺃﻣﺎﻧﺘﻪ ﻭﻟﻴﺘﻖ اﻟﻠﻪ ﺭﺑﻪ}.
وفي نفس الوقت، هل هذا التوثيق (كتابة القائمة) محرم او مكروه؟
الجواب أيضا: من حيث الأصل (لا)، بل أقل أحواله الإباحة، فهي في الأصل وسيلة لحفظ حقوق الزوجة، وتوثيق الحقوق مستحب في الجملة.
إذن كتابة ما يحفظ حق الزوجة ويثبت ملكيتها لمهرها أمرٌ مشروع ليس محرما، تماما كالمؤخر الذي هو جزء من المهر، يُكتب في عقد الزواج إثباتا لحق المرأة فيه.
ولكن قد تطرأ الحرمة بسبب طريقة كتابة القائمة، أو سوء استغلالها.
فالمشاكل الشرعية التي تحدث بسبب القائمة تتمثل في أمرين:
الأول: كتابة القائمة بقيمة وهمية أعلى من قيمة الجهاز، أو كتابة أشياء غير موجودة، أو جرامات ذهب زائدة، كل ذلك لرفع قيمة القائمة، للتفاخر والتباهي، أو لتكبيل الزوج، أو لكليهما للأسف.
وهذا إجحاف بالزوج، وتطفيف في الميزان، إذ تقويم الأشياء كالميزان تماما، والله تعالى يقول: {ويل للمطففين}.
الثاني: أن القائمة تكتب بصيغة قانونية على أن الزوج استلم هذه المنقولات، على سبيل الأمانة، وأنه إذا لم يرد عينها، او قيمتها المثبتة، يكون مبددا وخائنا للأمانة.
وسبب اختيار هذه الصيغة، هو كونها أكثر حسما وتأثيرا عند التقاضي.
الأول: أن هذه المنقولات لم يستلمها الزوج على سبيل الأمانة، بل أباحت له الزوجة استعمالها والانتفاع بها، فلو بليت هذه المنقولات مع الزمن أو قلت قيمتها، فليس عليه ضمان لا عينها ولا قيمتها إلا ما تلف بتعدّيه ، وليس لها إلا عين ما تبقى منها، أو قيمة المتبقي منها مستعملا وقت الفراق.
هذا ما يلزم الزوج في الشرع.
بينما الصيغة التي تكتب بها القائمة تلزمه بأن يرد عينها كاملة غير منقوصة، أو قيمتها المثبتة وقت الكتابة.
الثاني: وهو المشكلة الأكبر، أن في حالات الخلع، والذي يرد فيه المهر للزوج مقابل أن تفتدي المرأة نفسها، يحكم القضاء برد المهر المثبت في وثيقة الزواج فقط، ولا يحكم برد ما دفعه الزوج من أثاث وشبكة، لأن وثيقة القايمة لا تنص على أن هذه الأشياء دفعها على سبيل المهر.
فيجتمع للمراة الخلع والمهر، وهذا غير شرعي باتفاق.
وحل هذين الإشكالين، أن تكتب القائمة بالمنقولات الحقيقية، وفق قيمتها الواقعية.
- قسم ينص فيه على أنه ملك الزوجة قامت هي بشرائه، وأنها ارتضت أن تودعه بيت الزوجة، وأباحت للزوج الانتفاع به.
- وقسم ينص فيه على أن الزوج دفعه للزوجة على سبيل المهر.
وبذلك تكون القائمة وثيقة عدلٍ، تحفظ حق الطرفين، بدلا من أن تمنح طرفا ما ليس من حقه، وتجحف بطرف آخر، بزعم حفظ الحقوق.
فإن لم تكتب بهذه الطريقة، فالأفضل أن يدفع الزوج نقودا وحليا كمهر، مع المؤخر، فتاخذ الزوجة المهر في يدها، ويجهز الزوج بيته كيفما تيسر، ولا يطالب في هذه الحالة بكتابة قائمة، لأن ما في البيت ملكه هو وليس ملكا للزوجة.