الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعدُ ؛
فيجوزُ إجماعًا للمُحْدثِ حدثًا أصغر (غير المتوضئ) أن يقرأ القرآن دون مسٍّ للمصحفِ، ولكن لا يجوزُ له أن يسجد للتلاوةِ بغيرِ وضوءٍ؛ إذ سجدة التلاوة في معنى الصَّلاة = فلا تحلُّ بغيرِ وضوءٍ.
فسجدة التلاوة يشترط لها ما يشترط للصلاة : من طهارةٍ وسترٍ للعورة واستقبال للقبلة ونحو ذلك ؛ لأن سجدة التلاوة - وإن لم تكن صلاة - فهي في معنى الصلاة .
وأخرج البيهقي عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال : «لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر» ، وصحح إسناده الحافظ في «الفتح» (2/554) .
قالَ النوويُّ رحمه الله: (حكمُ سُجُودِ التلاوة في الشروطِ حكمُ صلاةِ النفلِ، فيشترَطُ فيه: طهارَةُ الحدَثِ والطهارة عن النجس في البدن والثوب والمكان، وستر العورة، واستقبالُ القبلة، ودخولُ وقت السجود: بأن يكون قد قرَأَ الآية أو سَمِعَها؛ فلو سجد قبل الانتهاء إلى آخر آية السجدة ولو بحرفٍ واحد لم يجز).
ويستحب أن تقول فيها : (سجَدَ وجهى للذى خلقَه ، وشقَّ سمعَه وبصرَه ، بحوله وقوته) ؛ وقد روي فيه حديثٌ حسنه الحافظ ابن حجرٍ وغيره ( كما في نتائج الأفكار) .
ويجوز لكَ فيها أن تقول ما تقوله في سجود الصلاة من التسبيح ثلاثًا ، وكذا الدعاء بما أردتَ ، كما نصَّ على ذلك أصحابنا .
أما عن صفتها المستحبة: فتكبر للإحرام رافعًا يديك كهيئة الصلاة ، ثم تكبر للهوي بلا رفعٍ ، ثم تسجد كسجدة الصلاة ، ووتقول الذكر المذكور ، وتسبح ، وتدعو ، ثم ترفع مكبرًا ، ثم تسلم.
وتكبيرة الإحرام والتسليم : شرطٌ في صحة سجود التلاوة على المعتمد في مذهب السادة الشافعية.
والتكبير لسجود التلاوة والتسليم مرويٌّ عن ابن مسعود رضي الله عنه .
والله تعالى أعلى وأعلم .