هناك قدر من التّفوّق نحكم فيه بأنّه معجز.
مثال: يوسين بولت أسرع إنسان في تاريخ رياضة العدو، قطع 100 متر في 9.58 ثانية
هذا القدر لا نشكّ أنّه تفوّق وامتياز، لكنّنا في نفس الوقت لا نجزم أنّه لا يمكن الوصول إليه ومجاوزته
فلو جاء إنسان مثلا فقطع مسافة 100 متر في ثانية واحدة
بل قطعها ذهابا وإيابا في ثانية واحدة
ماذا نقول هنا؟
نقول هذا ليس بشريّا أصلا
فعجزنا عن فعل ذلك في ثانية واحدة دليل على أنّ هذا فعل ليس بشريّا أصلا.
فإذا نظرنا مع ذلك إلى سيرة ذلك النّبيّ وتاريخه فوجدناه لم يقل في حياته شيئا من الشّعر الّذي هو عمود العرب ومصدر فخارها واعتدادها، بل ولا تعلّم نفس القراءة والكتابة فكان أمّيّا يعرفون هذا منه، ثمّ وجدناه صدوقا أمينا حتّى لقّبوه بهذا قبل مبعثه وما كانوا يختلفون في ذلك ولا يشكّون فيه،
ثمّ نظرنا في نفس هذا الكتاب الّذي جاء به وقال هو من عند الله فوجدناه على الغاية من البلاغة بحيث وقف أولئك العرب العارفون بلسانهم المتبارون فيه بأشعارهم ونثرهم العاقدون للمواسم في تلك المباريات = عاجزين أمامه مشدوهين لبلاغته مسلّمين بعدم القدرة على معارضته والإتيان بمثله، مع أنّ التّحدّي لهم وقع فيه التّدرّج من الأكبر (مثله) إلى ما هو أصغر منه (عشر سور مفتريات) إلى ما هو أصغر من ذلك كلّه (سورة من مثله) فأذعنوا وأقرّوا أنّهم عاجزون عن ذلك، بل ولم يجرؤ واحد أصلا على محاولة ذلك مع أنّ ذلك التّدرّج في التّحدّي قد يكون مستفزّا لأن يحاولوا ولو على سبيل المكابرة والتّعنّت.
لكنّهم لم يفعلوا.
فظهر بهذا أنّه تفوّق عال جدّا مفحم ظاهر معه أنّه لا يمكن المعارضة فيه ولو على سبيل المحاولة
كما في مثال 100 متر في ثانية
ما يكاد يمتري إنسان في أنّ هذا خارج عن طاقته بلا مكابرة.