الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
- صلاة العيد سنة مؤكدة، عند الشافعية والمالكية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سأله عن الصلاة: "ﺧﻤﺲ ﺻﻠﻮاﺕ ﻓﻲ اﻟﻴﻮﻡ ﻭالليلة".
ﻓﻘﺎﻝ: ﻫﻞ ﻋﻠﻲ ﻏﻴﺮﻫﺎ؟ ﻗﺎﻝ: "ﻻ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻄﻮﻉ".
وقيل: فرض كفاية، وقيل: واجبة.
- لا يُشترط لها عند الشافعية والمالكية لا عدد، ولا مكان معين، ولا جماعة، فتشرع للجماعة، والمنفرد، والرجال، والنساء، والمسافرين.
قال الرملي في نهاية المحتاج:
"ﺗﺸﺮﻉ ﺃﻳﻀﺎ (ﻟﻠﻤﻨﻔﺮﺩ ﻭاﻟﻌﺒﺪ ﻭاﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭاﻟﻤﺴﺎﻓﺮ) ﻭاﻟﺨﻨﺜﻲ ﻭاﻟﺼﺒﻲ ﻓﻼ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺮﻭﻁ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻭﻋﺪﺩ ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ، ﻭﻳﺴﻦ ﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ ﺃﻥ ﻳﺨﻄﺒﻬﻢ".
- ويجوز تعدد جماعتها بلا كراهة إن دعت الحاجة، ومع الكراهة بلا حاجة.
قال ابن حجر في تحفة المحتاج: (ﻭﻳﻜﺮﻩ ﺗﻌﺪﺩ ﺟﻤﺎﻋﺘﻬﺎ ﺑﻼ ﺣﺎﺟﺔ)
- وتشرع أيضا لجماعة نساء لا رجل فيهن، وتؤمهن امرأة منهن تقف وسطهن.
- فإن صلاها الإنسان منفردا، فلا خطبة، وإن صلوها جماعة، فتسن الخطبة، حتى لو في البيوت.
قال الشرواني في حواشي التحفة:
"(ﻗﻮﻟﻪ: ﻭﻻ ﺧﻄﺒﺔ ﻟﻪ) ﺃﻱ ﻭﻻ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻨﺴﺎء ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺨﻄﺐ ﻟﻬﻦ ﺫﻛﺮ، ﻓﻠﻮ ﻗﺎﻣﺖ ﻭاﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﻦ ﻭﻭﻋﻈﺘﻬﻦ ﻓﻼ ﺑﺄﺱ "
ووعظها في هذه الحالة ليس خطبة، ولا يجب أن يكون على هيئة الخطبة.
- ويبدأ وقت أداء صلاة العيد بعد طلوع الشمس بقدر ربع ساعة تقريبا، وينتهي بزوال الشمس، أي دخول وقت الظهر، فمن فاته أن يصليها في هذا الوقت، فله أن يقضيها على نفس صفتها المعروفة.
- وتُصلى في كل هذه الأحوال، جماعة أو فرادى، أداءً أو قضاءً، ركعتان، كهيئة صلاتها مع الإمام، على الصحيح من أقوال العلماء.
يؤيد ذلك ما جاء عن جماعة من السلف في مصنف ابن أبي شيبة كمحمد بن الحنفية، والحسن، وحماد، وغيرهم فيمن فاتته صلاة العيد مع الإمام أنه يصليها على هيئتها.
وفي مصنف ابن أبي شيبة كذلك:
عن الحكم: "ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﻋﻴﺎﺽ ﻣﺴﺘﺨﻔﻴﺎ، ﻓﺠﺎءﻩ ﻳﻮﻡ ﻋﻴﺪ ﻓﺼﻠﻰ ﺑﻬﻢ ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ، ﻭﺩﻋﺎ"
ونصه في مصنف عبد الرزاق:
عم اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻦ ﻋﺘﻴﺒﺔ ﻗﺎﻝ: "ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﻋﻴﺎﺽ ﻭﻣﺠﺎﻫﺪ ﻣﺘﻮاﺭﻳﻴﻦ ﺯﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎﺝ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻮﻡ ﻓﻄﺮ ﻓﻜﻠﻢ ﺃﺑﻮ ﻋﻴﺎﺽ ﻭﺩﻋﺎ ﻟﻬﻢ ﻭﺃﻣﻬﻢ ﺑﺮﻛﻌﺘﻴﻦ".
ﻗﺎﻝ: ﻭﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺷﻌﺒﺔ، ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ، ﻋﻦ ﻋﻜﺮﻣﺔ ﻣﻮﻟﻰ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ.
وفي مصنف ابن أبي شيبة:
عن ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻗﺎﻝ: "إﺫا ﻓﺎﺗﺘﻚ اﻟﺼﻼﺓ ﻣﻊ اﻹﻣﺎﻡ، ﻓﺼﻞ ﻣﺜﻞ ﺻﻼﺗﻪ، ﻭﺇﺫا اﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻨﺎﺱ ﺭاﺟﻌﻴﻦ، ﻓﻠﺘﺪﺧﻞ ﺃﺩﻧﻰ ﻣﺴﺠﺪ، ﺛﻢ ﻓﻠﺘﺼﻞ ﺻﻼﺓ اﻹﻣﺎﻡ، ﻭﻣﻦ ﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﺇﻟﻰ اﻟﻌﻴﺪ، ﻓﻠﻴﺼﻞ ﻣﺜﻞ ﺻﻼﺓ اﻹﻣﺎﻡ"
- وصفتها: ركعتان، يكبر في الأولى سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام.
ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الاعلى، وفي الثانية سورة الغاشية، وتجوز بأي سورة أخرى.
- لو شك في عدد التكبيرات هل كبر خمسًا أو ستًا مثلا، بنى على الأقل فيجعلها خمسة، ولو ترك التكبيرات كلها أو بعضها، فالصلاة صحيحة ولا يسجد للسهو عند الشافعية.
- وخطبة العيد سنة، فلو لم يخطب فالصلاة صحيحة، وتكون بعد الصلاة.
وصفتها: خطبتان يقعد بينهما كخطبة الجمعة، وعلى هذا المذاهب الأربعة، وفعل السلف رضي الله عنهم لا يُختلف فيه بينهم.
ﻭﻳﺴﺘﺤﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﺃﻥ ﻳﻔﺘﺘﺢ الخطبة اﻷﻭﻟﻰ ﺑﺘﺴﻊ ﺗﻜﺒﻴﺮاﺕ، ﻭاﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﺴﺒﻊ تكبيرات، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، واعتُضد بفعل السلف.
وللخطبة أركان لا تصح إلا بها، وهي أركان خطبة الجمعة كذلك:
وهي:
١) حمد الله.
٢) والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
٣) والوصية بالتقوى.
وهذه الثلاثة لا بد منها في الخطبتين.
فلو قال: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، اتقوا الله وأطيعوه مثلا، أجزأ عن هذه الأركان.
٤) وقراءة ولو آية في إحدى الخطبتين.
٥) والدعاء للمؤمنين بشيء أخروي كالمغفرة، في الخطبة الثانية.
- ويسن في أحوالنا هذه ما يسن ليوم العيد وصلاته مطلقا، من لبس الجديد، فإن لم يوجد فالنظيف، والاغتسال، والتطيب، وإظهار الفرح والسرور، وصلة الرحم ولو بالهاتف من أجل ما نحن فيه، وتبادل التهاني.
وكل عام وأنتم بخير وصحة وعافية، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وبشرنا وإياكم بتفريج الكرب عن قرب، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وكتبه الشيخ / أحمد عبد السلام