أراد أخي أن يخطب فذهبت أمي وأختي لترتيب الخطبة، ففوجئوا أن هناك من سبق وتقدم -ذو رحم- لكن لم يردوا عليهم، وتركت أختي لهم البيانات ليسألوا عنا، وأخبروهم أن الرد خلال وسيط..
فهل أخطأوا لأنهم استمروا في طلب الخطبة؟ وكيف المخرج لأن أمي خائفة جدا أن يكون ما فعلوا محظور لسماعها بحديث: (لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه)؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعدُ؛
فلا إثم عليكم، والله أعلم..
وذلك لأن تحريم الخطبة على خطبة أخيك مخصوصٌ بما إذا كان أهل المرأة قد صرحُوا بإجابته إلى ذلك، أي: وافقوا.
أما إذا كان الأمر ما زال في وقت العرض والتفكير= فلا إثم.
ودليل ذلك حديث فاطمة بنت قيس لما خطبها أبو جهم ومعاوية بن أبي سفيان، أي: عرضا عليها الخطبة، فأشار النبيُّ صلى الله عليه بأسامة بن زيد.
وعلى ذلك نصَّ السّادة الشافعية وغيرهم.
قال الشافعيُّ -رضي الله عنه- : (معنى هذا الحديث: عندنا إذا خطبَ الرجلُ المرأةَ، فرضيَت به، وركنت إليه، فليس لأحد أن يخطب على خطبته، فأما قبل أن يعلم رضاها أو ركونها إليه فلا بأس أن يخطبها،
والحجة في ذلك: "حديث فاطمة بنت قيس؛ حيث جاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت له أنَّ أبا جهم ومعاوية بن أبي سفيان خطباها، فقال: أمَّا أبو جهم فرجلٌ لا يرفع عصاه عن النساء، وأما معاوية فصعلوكٌ لا مال له، ولكن انكحي أسامة."
فمعنى هذا الحديث عندنا والله أعلم: أن فاطمة لم تخبره برضاها بواحدٍ منهما، ولو أخبرت لم يشر عليها بغير الذي ذكرت).
قال النوويُّ -رحمه الله- : (وأجمعوا على تحريمها إذا كان قد صُرِّحَ للخاطب بالاجابة ولم يأذن ولم يترك، أمَّا إذا عُرِّضَ له بالاجابة ولم يُصَرَّح: ففي تحريم الخطبة على خطبته قولان للشافعي، أصحهما لا يحرم).
وكذا عبارته في (المنهاج) : (وتحرمُ خطبة على خطبةِ مَنْ صُرِّحَ بإجابته إلا بإذنه).
فقوله: (من صُرِّحَ بإجابته) يخرج من إطار التحريم من لم يصرح به بالموافقة.