دعوتُ الله كثيرا بشيء وألححت في الدعاء لم يستجب، من وقتها أشعر أن إيماني ضعف جدا، والصلاة بالكاد أصليها، وأفكار كثيرة في دماغي، فدلني ماذا أفعل؟
نحن لا نعبد الله على شرط أن يعطينا ما نريد، فإن من عبد الله على أنه متى حصل له ما يحب استمر في العبادة وإلا ترك فهو ممن ذمهم الله بقوله: "ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة".
بل نحن نعبد الله لأن عبادته هي سبيل السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، فنحن نعبده جمعتنا العبادة أو فرقتنا، نعبده في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا، نعبده في السراء والضراء وعلى كل حال، هكذا يكون المسلم الحق.
وأما أن تعبد الله على شرط أن يعطيك فهذا من الخذلان، ولست تضر إلا نفسك.
ثم إن ما أعطاك الله كثير كثير!
أفلا تفكرت في الهواء الذي تتنفسه والماء الذي تشربه والصحة التي تتمتع بها وألوف من النعم تغمرك ولا تحس بها؟ أفإذا حرمك الله شيئا يسيرا قد تكون مصلحتك في حجبه عنك عدت على ربك باللوم وتكاسلت في عبادته؟
وقد يكون دعاؤك لم يستجب لتقصير منك في الطاعة، وقد يكون إنما لم يستجب لما لك في ذلك من المصلحة فإن الله يعلم وأنت لا تعلم، ففوض أمرك لله واستمر في دعائه فإنك أنت الرابح على كل حال، فإن الله إن لم يستجب لك في عين مسألتك صرف عنك من السوء مثلها أو ادخرها لك يوم القيامة كما في الحديث.
اعلم أن ربك أعلم بالمصالح وأنه أرحم بك من أمك فكل أمورك كلها إليه وانخلع من حولك وقوتك ولذ به سبحانه فإنه المحمود على كل قضاء يقضيه.