أنصحك بأمرين:
الأول: أن تتدبر في آيات وأحاديث الرجاء والرحمة، لتوازن بين الخوف والرجاء، فهُمَا جناحا السير إلى الله، وإنما يُغلَّب أحدهما على الآخر في بعض المواقف والمواضع، فتدبر في آيات القرآن عامة، وآيات الرجاء خاصة، وتدبر في أسماء الله وصفاته ليستقيم لك أمرك، واعلم أن القنوط من رحمة الله وسوء الظن به خطأ وانحراف كمثل الاغترار بالله وأمن مكره وانطفاء نور تعظيمه وخشيته في القلب، والمؤمن يخاف ويرجو، يحب الله ويرجو رحمته وعفوه وفضله، ويخشى الحجب والطرد والإبعاد والعذاب، فيسير إلى الله محبا راجيا خائفا، فإذا هجم الموت ونزل بساحته غلَّبَ جانب الرجاء.
والثاني: أن تدع تزكية نفسك، ذلك أمر مقلق، لا أدري إن كنت تعرف شعب الإيمان والعبودية بالقلب واللسان والجوارح جميعها، وتعرف دقائق العبودية والورع وأنت لها محقق مُراع فعلا، ثم قلت أنك مِن أعبد الناس على بينة مما تقول، أم أنها كلمة أطلقتها لا عن بينة، وفي كل الأحوال ينبغي أن تعلم أن حق الله عظيم، حق الله أن يطاع فلا يعصى، وأن يشكر فلا يكفر، وأن يُذكَر فلا يُنسى، ولو أن الله عذَّب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم، وقد كان سيد العباد والأتقياء وخاتم الأنبياء -صلى الله عليه وسلم- يقول إنَّ عمله لن يدخله الجنة إلا أن يتغمده الله برحمة منه وفضل، فإياك أن تغفل عن هذا فتفسد على نفسك حالك، واعبد الله واعلم أن الفضل والمنة له، وارج رحمته وثوابه وفضله، فلا حول ولا قوة إلا به.
[إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا]