271      4053
  • تعترض على ضرب الزوجة الناشز بأنه سيجعلها أكثر عنادًا..!
  • القاسم نبيل الأزهري
    القاسم نبيل الأزهري
    مدرس مساعد بكلية أصول الدين - الأزهر
  • عرفتُ أن للرجل أن يضرب امرأته، ووجدت الشيوخ يقولون "ضرب غير مبرح"، و "بالسواك"، حسيته نكتة! يعني لو أنا نشزت وعصيتُ وغلطت وقام زوجي وضربني ضربا غير مبرح حنصاع مثلا؟ غالبا حعند أكثر، فممكن توضح لي؟
    العقوبة بالضرب مذكورة في القرآن العظيم، ولا يسع مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تراها شيئا غير حكيما متى وقعت على الوجه الذي أمر الله به.
     
    لكن القرآن الكريم لم يجعلها العقوبة الأولى، وإنما هي تالية للوعظ والهجر في المضاجع، والمرأة الصالحة متى وعظها زوجها عند امتناعها عن أداء حقه اتعظت طاعة لله، فإذا كانت في غفلة فانتقل زوجها للمرحلة التالية وهجرها في المضجع فإنها حينئذ إذا كانت امرأة عاقلة حسنة الأخلاق فإنها تراجع نفسها، وتؤدي الحق الذي عليها، فإذا ظلت على عنادها وظلمها بمنع حقه فله حينئذ الحق في أن يضربها ضربا غير مبرح، كأن يضربها بثوب ملفوف ونحوه، ولا يضربها بعصا، ولا بشيء يُحدِث شَينا أو كسرا، ويكون ضربه لها تأديبا لها واستصلاحا لها في المستقبل لئلا تعود لمثل هذا، إذا غلب على ظنه أن ذلك يُصلحها.
     
    هذا كله في نشوزها وظلمها وامتناعها عن أداء حقه، بهذا التسلسل، وبتلك الضوابط والشروط، وليس له أن يضربها لمجرد مشادة كلامية بينهما، أو تصرف مباح لا يعجبه ونحو هذا، إنما الضرب في النشوز والامتناع عن أداء حقه الواجب عليها، ومعلوم أنه إذا ضربها فلن تسجيب له في لحظتها، لكن ذلك تأديب لها لاستصلاحها مستقبلا، بالشروط التي ذكرنا.
     
    ومع هذا كله: فالأَولى له أن لا يضربها، حتى في الموضع الذي هو مأذون له مباح له فيه ضربها بالشروط المذكورة كلها، بل الأكمل والأحسن والأفضل أن لا يضربها حينئذ أيضا، ولذلك لم يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة قط، كما قالت أم المؤمنين عائشة، بل ورد في الحديث النهي عن ضربهن، ثم الترخيص فيه لما اجترأت النساء على الرجال، فذهبت النساء يشكون أزواجهن إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: «لقد طاف بآل محمد نساء كثير، يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم».
     
    فالحاصل: أن الشريعة تحض على حسن العشرة، ومعالجة الأمور بالطرق التي تحقق المقصود، وأن الضرب له سياق معيَّن يكون فيه، وأنه علاج رشيد حيث وضع في موضعه، وأن تركه أفضل منه وأكمل، وأن الزوج الذي يضرب زوجته في غير موضع الضرب المأذون فيه شرعا، أو يضربها ويعتدي عليها فيُحدِث لها شينا أو كسرا أو نحو ذلك، أو يكون هو نفسه زوجا غير عدل ولا قائم بحقوق زوجته الواجبة عليه شرعا، زوج ظالم لم يطبق الشرع، ولا ضَربُه حينئذ ضرب شرعي في محله، لأن الله قد جعل لكل شيء قدرا، ووضع كل شيء في موضعه، لأنه الحكيم العليم الرحيم بخلقه [ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون].