هذا الشخص ينبغي أن يحاقق نفسه فيسألها عن برهان دعواه محبة تلاوة القرآن، كم يقرأ منه كل يوم، وهل يتدبر، وهل يعمل، فإن وجد علاقته بالقرآن مستقيمة فليحافظ عليها، ولا ينشغل بالتدقيق كثيرا في كونه قارئا أو سامعا، المهم أن يحب القرآن حقيقة، وأن يقدم بينه وبين الله دليل تلك المحبة بحسن العلاقة بالقرآن.
أما إن كانت علاقته بالقرآن غير حميدة، وكان يزعم محبة التلاوة وكراهية السماع وهو في الحقيقة لا يقرأ إلا قليلا نادرا فليعلم أن دعواه محبة التلاوة مدخولة، فليتهم نفسه ويراجع إيمانه ويقبل على كتاب ربه، وإن كان سمَّاعا للغناء فليهجر ذلك وليتب إلى الله، فإن الله لا يُخدع، وما يروج على الخلق لا يروج على العليم الخبير، فليصحح حاله فإن الناقد بصير.
فليسأل هو نفسه عن حال نفسه، فإن كان من أهل الحال الأولى فليدرج نفسه فيها، وإن كان من أهل الحال الثانية فكذلك.
والقرآن عزيز، فيه ذكركم وشرفكم، من اقترب منه عز واهتدى، ومن تباعد عنه ذل وحار.
ثم ينبغي إذا وجد الإنسان في صدره ضيقا من سماع كل قارىء لكلام الله أن يكتم ذلك في نفسه، وأن يَكره ذلك من نفسه، وأن يعد ذلك زيغا وانحرافا في التدين أو في الفطرة واستقامة العقل والمزاج، فإذا كتم وكره وحاقق نفسه وسأل الله أن يصلح قلبه فيوشك أن يزول عنه الداء إن شاء الله، وأما التصريح بكراهة سماع كل تال لكلام الله مطلقا فأمر قبيح!
رزقنا الله وإياكم حسا سليما، وذوقا قويما!